وليسوا رعايا الترعة
Citizens .
أما المادة 16 من عهد الجامعة فنهي أو حرم بمعنى الحرم البابوي - بكسر الحاء وسكون الراء - في القرون الوسطى لأنها كما هي الآن تحرم على قسيس فرنسوي في بورسعيد أن يعرف - بتشديد الراء - بحارا إيطاليا بعد إعلان تنفيذها؛ لأن المادة لم تفرق بين التعامل الزمني والروحي، ولا ريب أن «الاعتراف والحل» معاملة شخصية كما ورد في المادة.
وغني عن البيان أن كون الحكومة البريطانية مالكة لمقدار 44 في المائة من أسهم الشركة لا يؤثر من الوجهة العملية في الشركة تأثير تصريح 28 فبراير سنة 1922 في مصر؛ فإن ذلك التصريح جاء بعد سعي جديد من وزارة الخارجية البريطانية لمد أجل امتياز الترعة 40 سنة، ولما لم يتفق على ذلك صرحت الحكومة البريطانية بأن علائقها بمصر «حيوية للإمبراطورية البريطانية» وتحفظت ببعض المسائل والتحفظات الأربعة المعروفة.
وأول هذه التحفظات «سلامة المواصلات الإمبراطورية البريطانية في مصر» وهذه الجملة تشير إشارة واضحة إلى ترعة السويس وتتناولها.
وبناء على ما تقدم أعلنت الحكومة البريطانية رسميا - والحكومة البريطانية وحدها - مصلحتها الخصوصية في الترعة بوصف كونها أمينة على الإمبراطورية، ولما كانت عضوا في جامعة الأمم فإنها تستطيع أن تدنو من هذا الموضوع من زاوية أخرى، ولكنها لا تستطيع أن تشرح مبادئ ونظريات أخرى.
لذلك يلوح أن لا مفر من هذه النتيجة، وهي أنه إذا أريد إنفاذ المادة 16 وفرض عقوبات؛ فإن معاهدة ترعة السويس تعلق ويحل محلها العمل الذي تشير جامعة الأمم به، فيقع تنفيذ الحكم بالضرورة على الحكومة البريطانية بموجب القانون الدولي.
كيف أغلقت بريطانيا القناة سنة 1882
اشتدت الثورة العرابية المشئومة على مصر في سنة 1882 حتى تدخلت إنجلترا وفرنسا بالقول أولا، ولما تخلت فرنسا لإنجلترا بانسحاب أسطولها من ميناء الإسكندرية انتهزت إنجلترا الفرصة للعمل على تنفيذ نياتها المشتهاة من مائة سنة - كما قال اللورد ملنر للمرحوم سعد باشا في المفاوضات الأولى - فضربت حصون الإسكندرية بقنابل مدافعها لغير سبب ظاهر، واستعدت للهجوم على جيش العرابيين، وكل ذلك بدعوى حماية الخديو توفيق وإرجاعه إلى عرشه.
فكانت الوقائع الأولى عند خط كفر الدوار، وكان قد أقام فيه الحصون المنيعة المهندس الكبير المرحوم محمود باشا فهمي، وقد ألجأته أحوال العرابيين فيما بعد إلى التخلي عن العمل معهم، ثم توالى الهجوم الإنجليزي على هذا الخط من دون أن ينال منه شيئا، وتسربت الأخبار وقتئذ بأن الدول العظمى استعجلت إنجلترا بسبب تعطيل مصالحها في مصر فعينت يوم 14 سبتمبر من تلك السنة لانتهاء الحملة؛ بناء على رأي قائدها الجنرال «جارنت ولسلي». ولتعيين يوم 14 سبتمبر بالذات قصة سأذكرها فيما بعد على سبيل الاستطراد.
Página desconocida