وثانيا: أنه على تقدير تسليم العموم فيه، فليس هذا من باب العامين المتعارضين، بل الأحاديث الدالة على ترجيح فعل النافلة في البيوت أخص بالنسبة إلى الصلوات، وإن كان قد خرج منها بعض النافلة، فهي خاصة من حيث اعتبار النفل والفرض وتناولها للنفل فقط وإن كانت عامة في جميع صلوات النفل، وقد خرج بعضها بدليل، فلا ينافي ذلك كونها خاصة بالنسبة إلى جميع أنواع الصلوات، فصلاة النفل: نوع بالنسبة إلى مطلق الصلاة، جنس بالنسبة إلى أفرادها من الرواتب وغيرها وما شرع فيه الجماعة.
ثم هي متناولة لمحل النزاع، وهو الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أحد المساجد الثلاثة بطريق التنصيص، وذلك في حديث عبد الله بن سعد الذي تقدم ذكره والتنبيه عليه.
وفيما أخرجه أبو داود في سننه قال: حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني سليمان بن بلال، عن إبراهيم بن [أبي] النضر، [عن أبيه]، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة)).
وهذا الإسناد على شرط البخاري -سوى إبراهيم بن أبي النضر- فقد احتج بهم كلهم سواء. وإبراهيم هذا وثقه محمد بن سعد وأبو حاتم بن حبان، ولم يضعفه أحد، وقد ثبته الإمام أبو عمر بن عبد البر واحتج به،
Página 33