============================================================
المسائا المشكلة ضرب عمرا فقد كان منه ضرب هذا معنى لا يقصد في هذا. ولا يريذ أيضا أن يقول: إن ذهب زيد وإن ذهب عمرو فقد كان ذهاب، هذا مما لا يراد في المعنى، ولا يعترض على أن ذلك فاسد في اللفظ، لأن ذهب يبقى فارغا لا فاعل له، ولا يجوز أن يضمر ولا يذكر.
ويدل أيضا على فساد ذلك قولك: إما أن تقوم وإما أن لا تقوم، وقوله: ليا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا [الكهف: 86]، و فإما منا بعد وإما فداء [حمد: 4]. ألا ترى: أن هذا لو كان (إن) الجزاء لم يجز وقوع الابتداء بعده، وللزم أن يجازى بما يجازى به (إن)، إذ لم يتقدم في شيء من هذا ما يغي عن الجواب، فيستغن به عن ذكره، ونحوه: أنت ظالم إن فعلت، فهذا التوهم على سيبويه، والتأويل في هذا وما ذهب إليه هذا القائل فاسد غير جائز.
فإن قال: ما أنكرت أن يكون هذا الذي ذهبت إليه في (إن) من (إما) مذهب سيبويه، لأنه قد ذكر أن (إن) على أربعة أوجه: المخففة من الثقيلة، والنافية، والزائدة، والتي للحزاء، وليس يجوز أن تكون المخففة من الثقيلة، لأن تلك تدخل للتأكيد، وليس هذا من مواضعها، ولا النافية، لأنه لا نفي هنا، ولا للزيادة، لأن تلك تزاد بعد (ما) النافية، فلما لم يجز أن تكون واحدة من هذه الثلاث وجب أن تكون المجازية، لأنك في (إما) لا تبت على الشيء كما لا تبت في الجزاء على الشيء، فلما شاهتها في هذا الموضع، ولم تكن واحدة من الثلاث، لزم أن تكون إياها.
قيل له: ليس في قوله: إن (إن) تكون على أربعة أوجه ما يوحب أن تكون (إن) هذه (إن) الجزاء كما لم يجز أن تكون واحدة من الثلاث الي ذكرناها، كذلك لا يجوز أن تكون المجازية، لما قدمنا من الدليل في امتناع ذلك أن تكون إياها، ولما رأينا في الجمع بين قوله في (إن) و(إما) من أن ذلك لا يجوز أن تكون المحازية عنده.
وإنما لم يذكر (إن) هذه فيجعله ضربا خامسا من (إن)؛ لأنه لا يستعمل في الكلام، ولأن الشاعر إذا حذف منه (ما) فهو يريدها، فهو وإن ذكر (إن) فمراده (إما). فلم يجعل ذلك قسما خامسا لهذا.
فإن قلت: فما جهة الفائدة في إعلامه لنا: أن (إن) من (إما)؟
قيل: يعلم منه أن الحرف المدغم نون وليس مميم، كما أنها من (إما) يجوز أن
Página 123