ابن عباس في قوله: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾ ١: عملوا الشرك، لأنه وصفهم بهذا فقط، ولو آمنوا لكان لهم حسنات. وكذا لما قال: ﴿كسب سيئة﴾ لم يذكر حسنة، وقوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى﴾ ٢ أي فعلوا الحسن، وهو ما أمروا به؛ كذلك السيئة تتناول المحظور فيدخل فيها الشرك.
(٨٧) تواترت الأحاديث بخروج من قال: "لا إله إلا الله" من النار
إذا كان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة أو خردلة أو ذرة، وكثير منهم أو أكثرهم يدخلها، وتواترت أنه يحرم على النار من قال: "لا إله إلا الله"، لكن جاءت مقيدة بالإخلاص واليقين، ويموت عليها، فكلها مقيدة بهذه القيود الثقال. وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص ولا اليقين، ومن لا يعرف ذلك يخشى عليه أن يفتن عنها عند الموت. وغالبهم إنما يقولها تقليدا أو عادة؛ وغالب ما يفتن عند الموت أو في القبر أمثال هؤلاء، كما في الحديث: "سمعت الناس يقولون شيئا فقلته"، وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد أو اقتداء بأمثالهم، وهم أقرب الناس من قوله: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ ٣ الآية؛ فلا منافاة بين الأحاديث؛ فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين ومات عليها امتنع أن ترجح سيئاته، فإن كان قالها على الكمال المانع من الشرك الأصغر والأكبر فهو غير مصر على ذنب، وإن كان على وجه خلص به من الأكبر ولم يأت بعدها بما يناقض ذلك فهذه الحسنة لا يقاومها
_________
١ سورة يونس آية: ٢٧.
٢ سورة يونس آية: ٢٦.
٣ سورة الزخرف آية: ٢٢.
1 / 70