10- سرقة الجامع الكبير.. الأسئلة المعلقة!!
الأمة- العدد السابع والتسعون-الخميس 29/8/1419ه الموافق 15/4/99م.
اتفقت معظم التصريحات الأمنية بشأن السرقة التي تعرضت لها قبة الجامع الكبير التي تحتوي على المسودات السنانية الخاصة بتوثيق أراضي أوقاف اليمن والبالغ عددها (463) مسودة وغيرها من الوثائق على نفي وقوع السرقة، وأن شيئا لم يمس...إلخ، وهذا النفي يدحضه الواقع والوقائع التالية، والتي استخلصنا معظمها من خلال ما نشر في الصحف الرسمية.
أولا: عدم وجود حصر شامل بموجودات القبة وغيرها من وثائق وسجلات وغيرها، باستثناء المسودات السنانية، ولذلك من أين تعرف السرقة من عدمها، إن لم يكن هناك أصل يعتمد عليه في حال الجرد والمقارنة؟ وقول وكيل وزارة الأوقاف لشئون الإسثتمار إن حصرا للوثائق الموجودة في قبة الجامع والمكتبات التابعة للجامع سيتم لاحقا مما يؤكد أن الوثائق لم يتم حصرها أساسا، والسؤال أين جهود لجنة الحصر التي بدأت منذ سنوات طويلة والتي كأنها لم تنجز شيئا برغم المكافآت والإضافي التي صرفت طيلة السنة؟ أم أن إنكار السرقة وعدم التوثيق وتكرار الحرائق والحادثة الأخيرة وما تعرضت له أبواب الجامع من تحطيم يدل على غير ذلك؟ فالعصابة لم تكن في نزهة أو جولة سياحية..
ثانيا: جرت الإشارة في صحيفة سبتمبر على لسان النقيب محمد المصري نائب مدير البحث في المنطقة الأولى المكلف بالبحث والتحري في الحادثة، إلى وجود عبث وسرقة محتويات مكتبة الوثائق حيث قال بالنص: (أثناء معاينتنا لمكان محاولة السرقة تم العثور على اثنين كتب أثرية في مكان من الجامع خارج المكتبة التي تعرضت للسرقة، وأعتقد أن الجناة كانوا عصابة، وذلك الاستنتاج يظهر من خلال الأدوات المستخدمة، واستغفال حراس الجامع، والأقفال المكسرة لباب الجامع الغربي وأبواب المكتبة الثلاثة) وأضاف: (وقد تم إلى الآن ضبط ثلاثة أشخاص مشتبه فيهم يجري التحقيق معهم والتحقيق ما زال مستمرا) انتهى كلام المسؤل الأمني، ونحن نقول: ما علاقة وجود مخطوطتين خارج المكتبة في الجامع عثر عليها رجال الأمن.. إلا إذا كان فرضيا قد سقطتا من اللصوص أثناء خروجهم بوثائق ومخطوطات أخرى أو للتمويه على السرقة الحقيقية التي نجزم بأنها مسودات غير مفهرسة ولا داخلة في السجلات السنانية البالغ عددها (463) وهي التي توثق للفترة السابقة على إعدادها قبل أربعمائة سنة تقريبا، إن لسرقة المسودات علاقة مؤكدة بخطة وزارة الأوقاف عمل حصر شامل لأراضي الأوقاف في الجمهورية اليمنية، التي رصد لها أكثر من خمسين مليون تقريبا حسب تصريح وزير الأوقاف لصحيفة (26 سبتمبر) قبل أسابيع، وعملية حصر أراضي الأوقاف ظلت أولوية لدى كل وزراء الأوقاف الذين عايشوا وعانوا ما تتعرض له أراضي الأوقاف من سطو ونهب، وتنكر وتأخير إيجارات، ومضاربة ومشاكل، لا حصر لها، وهنا نسأل: ماذا عن وثائق الأوقاف التي كتبت بعد تلك الفترة من أيام سنان باشا (1016ه) إلى الآن؟ ولماذا لا تضم أصول تلك الوثائق وغيرها إلى المركزالوطني للوثائق التابع لرئاسة الجمهورية الذي على رأسه الأستاذ المناضل الوطني الكبير والمثقف البارز الأستاذ علي أبو الرجال، الذي كما هو معروف احتفظ بجهده الشخصي بأهم الصحف والمجلات والأدبيات والإصدارات القديمة لليمن منذ بداية القرن تقريبا، وهو الآن يعمل بصمت وأدب لحفظ وجمع وصيانة الوثائق الوطنية التاريخية.
ثالثا: وعلى ضوء ما رجحت مصادر عديدة على إطلاع بالصراع المستمر على الأراضي الموقوفة وغير الموقوفة، والتي تستفيد من حالة الفساد الراهن والتناقضات السياسية الحادة وسوء الإدارة، والتوثيق والمتابعة...إلخ، فإن إشارة الأخ نائب وزير الداخلية في حديثه لصحيفة الميثاق العدد الأخير ذات دلالة وتلفت النظر إلى وجود من يهمهم الحصول على وثائق الوقف بقوله: (إن هناك بعض من لديهم قضايا خاصة ويحاولون الحصول على بعض الوثائق مثل مسودة الوقف) ولعل أهم ما كشفت عنه حادثة السرقة التي يحاول البعض أن ينفيها -ونفي النفي إثبات- هو إنعدام التوثيق والعشوائية وتضارب الإختصاصات، فما علاقة الاستثمار بالوثائق والمسودات تلك العلاقة التي برزت مؤخرا إثر الحادثة التي لفتت النظر إلى ضعف الحراسة وضعف الحماية الأمنية، وقيل أنه سوف يستعان بأجهزة مراقبة حديثة في المكتبات، وهي بكل الأحوال وسيلة من الوسائل، لكن الأهم صيانة الوثائق والمخطوطات وعرضها للباحثين وتأهيل القائمين عليها ومنحهم المكافآت والحوافز التشجيعية للقيام بعملهم خير قيام، وأرشفة التي لم تؤرشف، واستعادة ما بحوزة بعض المسؤلين السابقين، وما في الدول والمراكز الأجنبية، وإظهار نتائج التحقيقات في الحوادث الماضية.
Página 46