حتّى قال فيه الإمام ابنُ خزيمة: ما تحتَ أديم السَّماء أعلمُ بالحديث من محمّد ابن إسماعيل البخاريّ (١).
وقال موسى بن هارون الحافظ: لو أن أهل الإسلام اجتمعوا على أن يصيبوا آخر مثل محمّد بن إسماعيل، لَمَا قدروا عليه (٢).
كيف وقد صنَّف كتابًا هو أصح كتاب بعد كتاب الله ﷿، جمع فيه حديث النّبيّ ﷺ، وأنتخبه من مئات الألوف من المرويات، بل من أصح الصّحيح، حتّى قال النَّسائيُّ: ما في هذه الكتب أجودُ من كتاب البخاريّ.
وصَدَق فيه قولُ أبي عامر الجرجانيِّ الأديب:
صحيحُ البخاريِّ لو أنصفوهُ ... لما خُطَّ إلًّا بماءِ الذهَبْ
هو الفرقُ بين الهُدى والعَمى ... هو السدُّ بين الفتى والعطَبْ
أسانيدُ مثلُ نجومِ السماءِ ... أمامَ متونٍ كمثل الشُّهُبْ
به قام ميزانُ دينِ الرسولِ ... ودانَ به العجمُ بعد العربْ (٣)
ولمَّا كان "صحيح البخاري" قد حاز هذه الجلالة، قال فيه ابن خلدون في مقدمة "تاريخه": شرحه دَيْن على هذه الأمة.
وقد وفى الأئمة شرح هذا الكتاب، وسقط الدين عن الأمة، حتّى بلغت شروحه المئات، برز خلالها: شرح ابن الملقن، والحافظ ابن حجر، والعيني، والقسطلاني، وغيرهم.
_________
(١) رواه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص: ٧٤).
(٢) انظر: "هدي الساري" للحافظ ابن حجر (ص: ٤٨٥).
(٣) رواها بإسناده عنه: الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٢/ ٧٤).
مقدمة / 6