فإذا ثبت أن الله تعالى ليس جسما، وانتفت صفات الأجسام جميعها تبعا لنفي الجسمية، فليس تعالى في مكان، ولا يدرك بالحواس، ولا يتصف تعالى بالحركة والسكون، والاجتماع والافتراق، والرطوبة واليبوسة، والطول والعرض، ولا بالألوان، ولا بالمشي والهرولة، والصعود والنزول، ولا بأي كيفية، لأن ذلك كله من صفات الأجسام الضعيفة المحدثة، وكذلك فلا يتصف بالوجه والجنب واليدين والساق والعينين، ليس في مكان _ تعالىسبحانه أن يكون في السماء، أو في الأرض _، ولا تحده الفوقية والتحتية، ولا اليمين والشمال، والخلف والأمام.
كان الله سبحانه ولا شيء، لا مكان ولا زمان، ولا سماء ولا أرض، ولا عرش ولا كرسي، وهو خالق المكان، مستغن عن المكان، وخالق الزمان، فلم يتقدمه زمان.
ليس بنور ولا ظلام، لا تجوز عليه الغفلة والنوم والنسيان، ولا يجوز أن يقال إنه تعالى يفرح ويستر، أو يلحقه الهم والغم، أو يتألم أو يلتذ، أو يشتهي أو ينفر، إذ أن كل ذلك من صفات الأجسام الضعيفة المحدثة، وقد ثبت أن الله تعالى ليس بجسم، فوجب أن ننفي عنه تعالى كل صفات الأجسام على الإطلاق.
Página 6