سرور عبد الباقي
من أصدقاء العباسية، وكان أبوه محاميا ذا شهرة ومال، وكانت أمه قوية الشخصية تحكم بيتها بسيطرة لا تقاوم، فخضع لها الأب والابن والبنتان، وكانت بخيلة فيما بدا، تساوم الباعة المتجولين بلا رحمة، ومن أجل مليم واحد تلغي صفقة، وتزن مشترياتها في ميزان خاص ابتاعته لذلك، وظهر أثر ذلك كله في سلوك سرور بيننا بالتهذيب والأدب والاقتصاد، وكانت علاقته بنا ذات نوع خاص، فهو لا يفارقنا، وهو لا يندمج فينا، ويتجنب مشاركتنا في مزاحنا الطليق ونكاتنا اللاأخلاقية. وتذاكرنا يوما مطربة جديدة هي أم كلثوم فقال سرور عبد الباقي: سمعتها في فرح وأعتقد أن صوتها أحلى من صوت منيرة المهدية!
فكبر علينا ذلك وقال جعفر خليل: صوت منيرة يعلو ولا يعلى عليه.
وانتهره خليل زكي، رغم عدم اهتمامه بالغناء، قائلا بوقاحته المعهودة: لا تردد آراء أمك بيننا!
وغضب سرور عبد الباقي وصاح به: لا شأن لك بأمي يا قليل الأدب.
وجاء الرد في صورة لطمة، ثم اشتبكا في معركة حتى فصلنا بينهما، وكان تلميذا مجتهدا، ولكن نجاحه كان دائما دون اجتهاده، والحق لم نكن نؤمن بذكائه! وأوشك يوما أن يقسمنا فريقين؛ إذ طالب بشدة بالتزام الأدب في السلوك والكلام، قال: يا جماعة .. يجب ألا تتردد بيننا كلمة بذيئة وأن نتعامل باحترام.
وفي الحال شخر خليل زكي وسيد شعير في وقت واحد تقريبا، فعاد سرور يقول: وإلا فسأضطر إلى مقاطعتكم!
فقلت بجزع لحبي له: اقترح ما تشاء ولكن لا تفكر في المقاطعة.
وقال رضا حمادة: كلامه يستحق التقدير!
فقال جعفر خليل: البذاءة في الكلام كالملح في الطعام.
Página desconocida