وظهر عبده البسيوني في صالون جاد أبو العلا متأخرا، عام 1968 أو بعد ذلك. وقلت لنفسي ساعة رؤيته - ولم أكن رأيته منذ لقائنا الرهيب بمكتبي - ها هو جاد أبو العلا يظفر بصيد ثمين حقا! وتصافحنا بحرارة كالأيام الخالية على عهد الدراسة، وكأن الخطيئة لم تكن. وكبحت رغبة شديدة كادت تدفعني إلى سؤاله عن زوجه وهل رجعت إليه، ومن ناحيته لم يشر بكلمة إلى ذلك. وقال لي: القافلة تسير والصعاب تذلل، وابني بلال في السنة النهائية بكلية طب القاهرة، وهو شاب نابغة، وسيكون له شأن، وأخته لا تقل نباهة عنه، وهي في كلية الصيدلة، وعما قريب سأستقبل عهدا من الاستقرار المالي والنفسي.
فهنأته بذلك وتمنيت له أصدق التمنيات، وقلت له: الظاهر أنك عرفت الأستاذ جاد أبو العلا حديثا؟
فقال لي همسا: منذ عامين، ولكني لم أتردد على هذا الصالون إلا مرات معدودات لم يتصادف وجودك بها.
ثم وهو يتبسم: إن أغلب مسلسلاته الإذاعية والتلفزيونية بقلمي!
وضحكنا معا ثم عاد يقول: وحتى الآن لم أوفق إلى بيع مسلسلة باسمي!
ولما فاز الأستاذ جاد أبو العلا بجائزة الدولة التشجيعية زارني الأستاذ عجلان ثابت، ومضى يضحك ساخرا وهو يقول: ألا يتقون الله؟!
وتحادثنا طويلا حتى جاء ذكر عبده البسيوني؛ فقال عجلان: لعلك لا تعرف أن زوجه كانت خليلة للأستاذ جاد أبو العلا؟
فجرى في باطني تيار مضطرب لم يدر به عجلان، ولا بأسبابه الحقيقية .. وقلت: اتق الله بدورك. - صدقني فأنا أخصائي في هذا النوع من الأخبار.
فسكت فعاد يقول: وعبده البسيوني يعرف ذلك أيضا، وقد ضبطهما في فيلا بالهرم، واكتفى بقطع العلاقة وتسلم حرمه، ثم أعقب ذلك صداقة وطيدة بين الزوج والعشيق السابق.
قلت باذلا جهدا غير قليل لتمالك أعصابي: متى كان ذلك؟ - منذ سنوات لعلها ثلاث أو أربع أو خمس! - ليكن. - يا له من رجل زائف! - عبده البسيوني؟! - هذا حمار بائس، إني أعني صاحب الجائزة الكبيرة. - نعم. - ومن عجب أن أبطال رواياته مثل للصدق والكرامة والفضيلة! - نعم.
Página desconocida