Marah Labid
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
Investigador
محمد أمين الصناوي
Editorial
دار الكتب العلمية - بيروت
Número de edición
الأولى - 1417 هـ
Géneros
فطرس الرومي، ثم أفسدوا فسلط الله عليهم المجوس، ثم أفسدوا فسلط الله عليهم المسلمين وكلما أرادوا محاربة النبي صلى الله عليه وسلم ورتبوا أسبابها وركبوا في ذلك متن كل صعب ردهم الله تعالى وقهرهم وذلك لعدم ائتلافهم ويسعون في الأرض فسادا أي ويجتهدون في الكيد للإسلام وأهله وإثارة الفتنة بينهم وفي تعويق الناس عن محمد صلى الله عليه وسلم والله لا يحب المفسدين (64) أي والله يعاقب المفسدين في الأرض كاليهود وغيرهم ولو أن أهل الكتاب أي أن اليهود والنصارى آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم بما جاء به واتقوا مخالفة كتابهم لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم (65) فالكتابي لا يدخل الجنة ولا يرفع عنه العقاب ما لم يسلم والإسلام يجب ما قبله ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل أي أقاموا أحكامهما وحدودهما وما أنزل إليهم من ربهم من الكتب ككتاب شعياء وكتاب حيقوق، وكتاب دانيال، وكتاب أرمياء، وزبور داود لأنهم مكلفون بالإيمان بجميعها فكأنها أنزلت إليهم وأيضا في هذه الكتب ذكر محمد صلى الله عليه وسلم فيكون المراد بإقامة هذه الكتب الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل: المراد بما أنزل إليهم من ربهم القرآن لأنهم مأمورون بالإيمان به فكأنه نزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم وهذه مبالغة في السعة والخصب لا أن هناك فوقا وتحتا. والمعنى لأكلوا أكلا متصلا كثيرا. وقيل: من نزول القطر ومن حصول النبات. وقيل:
من الأشجار المثمرة ومن الزروع المغلة. وقيل: المراد أن يرزقهم الله الجنان اليانعة الثمار فيجتنون ما تهدل من رؤوس الشجر، ويلتقطون ما تساقط على الأرض من تحت أرجلهم هذا في القائلين: يد الله مغلولة الذين ضيق عليهم عقوبة لهم منهم أي من أهل الكتاب أمة مقتصدة أي طائفة معتدلة. وهم المؤمنون منهم كعبد الله بن سلام وأصحابه، وبحيرا الراهب وأصحابه، والنجاشي وأصحابه، وسلمان الفارسي وأصحابه وكثير منهم ساء ما يعملون (66) من العناد وتحريف الحق والإفراط في العداوة وكتمان صفة محمد ككعب بن الأشرف، وكعب بن أسد، ومالك بن الصيف، وسعيد بن عمرو، وأبي ياسر، وجدي بن أخطب يا أيها الرسول أي يا محمد بلغ ما أنزل إليك من ربك من غير مبالاة باليهود والنصارى ومن غير خوف من أن ينالك مكروه أبدا وإن لم تفعل ما أمرت به من تبليغ جميع ما أنزل إليك من الأحكام وما يتعلق بها فما بلغت رسالته أي رسالة ربك.
وقرأ ابن عامر ونافع وشعبة رسالاته بجمع تأنيث سالم. وقرئ فما بلغت رسالاتي وهذا تنبيه على غاية التهديد والله يعصمك من الناس أي الكفار أي يؤمنك من مكر اليهود والنصارى من قتلهم.
وعن أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرسه سعد وحذيفة حتى نزلت هذه الآية فأخرج رأسه من قبة آدم وقال: «انصرفوا يا أيها الناس فقد عصمني الله من
Página 282