Marah Labid
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
Investigador
محمد أمين الصناوي
Editorial
دار الكتب العلمية - بيروت
Número de edición
الأولى - 1417 هـ
Géneros
وقرأ ابن محيصن ومجاهد «مهيمنا» بفتح الميم الثانية، فإن القرآن يصان عن التحريف والتبديل والحافظ هو الله تعالى فاحكم بينهم أي بين جميع أهل الكتاب إذا ترافعوا إليك بما أنزل الله فإن ما أنزل الله إليك وهو القرآن مشتمل على جميع الأحكام الشرعية ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق و «عن» متعلقة «بلا تتبع» على تضمين معنى تتزحزح ونحوه أي لا تنحرف عما جاءك من الحق متبعا أهواءهم لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا أي لكل واحد من الأمم الثلاثة أمة موسى وأمة عيسى، وأمة محمد جعلنا منكم أيها الأمم شريعة وهي العبادة التي أمر الله بها عباده، ومنهاجا أي طريقا واضحا يؤدي إلى الشريعة، فالتوراة شريعة للأمة التي كانت من مبعث موسى إلى مبعث عيسى. والإنجيل شريعة من مبعث عيسى إلى مبعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والقرآن شريعة للموجودين من سائر المخلوقات في زمنه صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة ليس إلا والدين واحد وهو التوحيد ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة أي جماعة متفقة على شريعة واحدة في جميع الأعصار من غير اختلاف ولا نسخ ولا تحويل. أو المعنى لجعلكم ذوي أمة واحدة أي دين واحد ولكن ليبلوكم في ما آتاكم أي ولكن لم يشأ الله أن يجعلكم أمة واحدة بل شاء أن يختبركم فيما أعطاكم من الشرائع المختلفة المناسبة للأزمنة والجماعة. هل تعملون بها منقادين لله معتقدين أن اختلافها مبني على الحكم اللطيفة والمصالح النافعة لكم أم تتبعون الهوى وتقصرون في العمل؟ فاستبقوا الخيرات أي إذا كان الأمر كما ذكر فسارعوا يا أمة محمد إلى ما هو خير لكم في الدارين وابتدروه انتهازا للفرصة وحيازة لفضل السبق إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون (48) في الدنيا من أمر الدين أي فيخبركم بما لا تشكون فيه من الجزاء الفاصل بين المحق والمبطل، والموفى والمقصر في العمل فإن الأمر سوف يرجع إلى ما يحصل معه اليقين، وذلك عنده مجازاة المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته. وأن احكم بينهم أي بين أهل الكتاب إذا تحاكموا إليك بما أنزل الله وهذه الجملة معطوفة على الكتاب أي أنزلنا إليك الكتاب والحكم بينهم وذكر إنزال الحكم لتأكيد وجوب امتثال الأمر، أو على قوله بالحق أي أنزلنا إليك الكتاب بالحق وبالحكم وذكر إنزال الأمر بالحكم بعد الأمر الصريح به تأكيد للأمر وتفريش لما بعده، ولأن الآيتين حكمان أمر الله بهما جميعا لأنهم احتكموا إليه صلى الله عليه وسلم في زنا المحصن، ثم احتكموا في قتيل كان فيهم ولا تتبع أهواءهم في عدم الشريف بالوضيع وعدم قتل الرجل بالمرأة واحذرهم أن يفتنوك أي يميلوك عن بعض ما أنزل الله إليك ويردوك إلى أهوائهم وكان بنو النضير إذا قتلوا من قريظة أدوا إليهم نصف الدية، وإذا قتل بنو قريظة من بني النضير أدوا إليهم الدية كاملة، ويقتلون النفسين بالنفس ويفقئون العينين بالعين فغيروا حكم الله الذي أنزله في التوراة فما لهم يخالفون.
Página 273