وورقة بن نوفل، وسلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، ووفد النجاشي والذين كانوا على الدين الباطل الذي لليهود والنصارى والصابئين كل من آمن منهم ببعث محمد صلى الله عليه وسلم بالله واليوم الآخر وبمحمد فلهم أجرهم عند ربهم، أو المعنى إن الذين آمنوا باللسان دون القلب، وهم المنافقون واليهود والنصارى والصابئين كل من أتى منهم بالإيمان الحقيقي صار من المؤمنين عند الله، وهذا قول سفيان الثوري وإذ أخذنا ميثاقكم أي إقراركم بقبول التوراة ورفعنا فوقكم الطور أي رفعنا فوق رؤوسكم الجبل مقدار قامة كالظلة وكان فرسخا في فرسخ حتى أعطيتم الميثاق وقلنا:
خذوا ما آتيناكم أي اعملوا بما أعطيناكموه من الكتاب بقوة أي بجد واذكروا ما فيه من الثواب والعقاب واحفظوا ما فيه من الحلال والحرام لعلكم تتقون (63) أي لكي تتقوا المعاصي ثم توليتم أي أعرضتم عن الوفاء بالميثاق من بعد ذلك أي رفع الطور وإيتاء التوراة فلولا فضل الله عليكم بتأخير العذاب ورحمته بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليكم لكنتم من الخاسرين (64) أي لصرتم من المغبونين بالعقوبة وبالانهماك في المعاصي ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت أي وبالله لقد عرفتم عقوبة الذين تجاوزوا الحد منكم يوم السبت في زمن داود عليه السلام، روي أنهم أمروا بأن يتمحضوا يوم السبت للعبادة ويتركوا الصيد، وهؤلاء القوم كانوا في زمن داود عليه السلام وكانوا يسكنون بأيلة على ساحل البحر بين المدينة والشام، وهو مكان من البحر يجتمع إليه الحيتان من كل أرض في شهر من السنة حتى لا يرى الماء لكثرتها، وفي غير ذلك الشهر في كل سبت خاصة فحفروا حياضا عند البحر وشرعوا إليها الجداول فكانت الحيتان تدخلها فيصطادونها يوم الأحد، فذلك الحبس في الحياض هو اعتداؤهم، ثم إنهم أخذوا السمك وهم خائفون من العقوبة فلما طال الزمان استسن الأبناء بسنة الآباء فمشى إليهم طوائف من أهل المدينة الذين كرهوا الصيد يوم السبت ونهوهم. فلم ينتهوا، وقالوا: نحن في هذا العمل منذ أزمان فما زادنا الله به إلا خيرا. فقيل لهم: لا تغتروا فربما نزل بكم العذاب، فأصبح القوم قردة خاسئين فمكثوا كذلك ثلاثة أيام لم يأكلوا ولم يشربوا ولم يتوالدوا، ثم هلكوا وذلك قوله تعالى: فقلنا لهم كونوا أي صيروا قردة خاسئين (65) أي ذليلين مبعدين عن الرحمة والشرف فجعلناها أي المسخة أو القردة أو قرية أصحاب السبت أو هذه الأمة نكالا لما بين يديها وما خلفها أي عقوبة رادعة للأمم التي في زمانها وبعدها إلى يوم القيامة أو لما قرب من تلك القرية وما تباعد عنها أو عقوبة لأجل ما تقدم على هذه الأمة من ذنوبهم وما تأخر منها.
وموعظة للمتقين (66) أي لكل متق سمع تلك الواقعة فإنه يخاف إن فعل مثل فعلهم أن ينزل به مثل ما نزل بهم. والمراد بقوله تعالى: كونوا سرعة التكوين، وأنهم صاروا كذلك كما أراد الله بهم. وإذ قال موسى لقومه أي واذكروا وقت قول موسى عليه السلام لأصولكم إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة.
Página 25