مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
Editorial
إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء-الجامعة السلفية
Número de edición
الثالثة - ١٤٠٤ هـ
Año de publicación
١٩٨٤ م
Ubicación del editor
بنارس الهند
Géneros
فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران،
ــ
يتعلق بالمروءات والأمور الدنيوية، وهو عطف على يطأها (فأحسن تأديبها) أن استعمل معها الرفق واللطف واجتنب العنف والضرب، وبذل الجهد في إصلاحها (وعلمها) ما لا بد من أحكام الشريعة لها (فأحسن تعليمها) بتقديم الأهم فالأهم (ثم أعتقها) بعد ذلك كله، عطفه بثم خلا الجميع فإنه عطفه بالفاء، قال العيني: لأن التأديب والتعليم يتعقبان على الوطأ، بل لابد ههنا من نفس الوطأ، بل قبله أيضًا لوجوبهما على السيد بعد التملك بخلاف الإعتاق، أو لأن الإعتاق نقل من صنف من أصناف الأناسي إلى صنف آخر منها، ولا يخفى ما بين الصنفين المنتقل منه والمنتقل إليه من البعد من الضدية في الأحكام، والمنافاة في الأحوال، فناسب لفظ دال على التراخي بخلاف التأديب – انتهى. (فله) أي فللرجل الأخير (أجران) أجر على إعتاقه وأجر على تزوجه، فالأجران على هذين العملين على الإعتاق؛ لأنه عبادة بنفسها، وعلى النكاح لأن التزوج بعد العتق عبادة أخرى، وفائدة ذكر التأديب والتعليم أنها أكمل للأجر إذ تزوج المرأة المؤدبة المعلمة أكثر بركة وأقرب أن تعين زوجها على دينه، ولم يقتصر على قوله أولًا فلهم أجران، مع كونه داخلًا في الثلاثة بحكم العطف؛ لأن الجهة كانت فيه متعددة، هي التأديب والتعليم والعتق والتزوج، وكانت مظنة أن يستحق الأجر أكثر من ذلك، فأعاد قوله "فله أجران" إشارة إلى أن المعتبر من الجهات أمران: وهو الإعتاق والتزوج، ولذا ذكر عقبهما قوله "فله أجران"، بخلاف التأديب والتعليم، فإنهما موجبان للأجر في الأجنبي والأولاد وجميع الناس، فلا يكون مختصًا بالإماء، فلم يبق الاعتبار إلا في الجهتين: العتق والتزويج؛ لأنه يصير محسنًا إليها إحسانًا أعظم بعد إحسان أعظم بالعتق؛ لأن الأول فيه تخليص من الرق وأسره، والثاني فيه الترقي إلى إلحاق المقهور بقاهره، وقيل: في بيان تكرير الحكم غير ذلك، ويجوز أن يعود الضمير في "فله" إلى كل واحد من الثلاثة، فيكون التكرير للتأكيد أو لطول الكلام، فيكون كالفذلكة ويمكن أن يكون من باب اختصار الراوي أو نسيانه، قلت: هذان الأخيران هو الظاهر؛ لأن الحديث أخرجه البخاري في العلم، وفي العتق، وفي الجهاد، وفي الأنبياء، وفي النكاح، ومسلم في الإيمان مطولًا، وفي النكاح مختصرًا، والنسائي مطولًا ومختصرًا، والترمذي وابن ماجه الثلاثة في النكاح، وعند الجميع كرر الحكم في الأمور الثلاثة، ما خلا البخاري في العلم، والنسائي في النكاح، واعلم أنه لا مفهوم للعدد المذكور في حديث أبي موسى، فالمراد هذه الأشياء وأمثالها، وليس المقصود بذكرها نفي ما عداها، فإن التنصيص باسم الشيء لا يدل على نفي الحكم عما عداه، وهو مذهب الجمهور، وهذا لأن عدد الذين يؤتون أجرهم مرتين بلغ بالتتبع إلى عشرين، بل يحصل بمزيد التتبع أكثر من ذلك، وقد ذكر بعضها العزيزي في السراج المنير (ج١: ص١٨٩)، والحافظ في الفتح في شرح باب اتخاذ السراري (ج١١: ص٣٨)، والعلقمى والسيوطي، وقال بعضهم: الظاهر أن المراد بالحديث لهم أجران على كل عمل لا أن لهم أجرين على العملين، إذ ثبوت أجرين على
1 / 57