قال : والله لإصبع محمد بن واسع خير عندي من مائة ألف شاب طرير ، ومن مائة ألف سيف شهير . ثم بدأ القتال ، فنصرهم ذو الجلال ، وانهزم الكفار ، وولوا الأدبار .
قال : ولما حضر خالد لقتال الروم ، قدموا له قارورة مملوءة بالسموم ، وقالوا له : إن كنت متوكلا على الله ولا تخاف ، فاشرب من هذا السم الزعاف . فقال : بسم الله ، توكلت على الله ، ثقة بالله ، ثم شرب القارورة ، فما مسه ضرورة .
ولما رأى المسلمون جيش الروم ، وكثرة القوم ، قال أحد الناس ، لما رأى البأس : اليوم نلتجئ إلى جبل سلمى وأجا ، قال خالد : بل إلى الله الملتجى .
قال : ولما حضر المسلمون في تستر ، ما بين مهلل ومكبر ، قال المسلمون: يا براء بن مالك ، أقسم على إلهك ، عله أن يرزقنا النصر ، وعظيم الأجر . فأقسم على الديان ، فهزم الله أهل الطغيان ، وذهب البراء إلى الجنان .
والبراء هو صاحب حديث " رب رجل أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره " فأبر الله قسمه وبلغه كل مسرة .
ثم قال أبو شجاع : اعلموا أن صرخات التفجع ثلاث ، سجلت أهم الأحداث .
وهي : وا معتصماه ، وا إسلاماه ، وا أماه .
فوا معتصماه : أطلقتها امرأة في عمورية ، بعد أن أهينت في البلاد الرومية ، فسمعها المعتصم الأسد الهصور ، فترك القصور ، وخرج بجيش يمور ، فأذل أتباع نقفور ، وأخذ الكفور ، وجعله عبد للمسلمة التي صرخت باسمه من وراء البحور .
وأما وا إسلاماه : فأطلقها قطز وبيده البتار ، يوم نازل التتار ، فهزم من كفر وولوا الأدبار .
وأما وا أماه : فهي صرخة مفجوعة ، وصيحة مقطوعة ، قالها طفل من الأندلس ، لما رأى أمه وهو في حضنها تختلس .
فقال أبو البقاء يصف هذا الشقاء :
يا رب أم وطفل حيل بينهما
كما تفرق أرواح وأبدان
أحب عبد الله بن عمرو الأنصاري " قل هو الله أحد " ، فهب إلى أحد ، فقيل له : البينة ، على المدعي للمحبة ، فضرب في سبيل الله ثمانين ضربة .
Página 90