78

Maqamat

مقامات القرني

Géneros

وقد شجعني على الدعوة بخطاب منه مختوم ، وباسمه موسوم ، وبأنفاسه مرسوم ، وهو عندي إلى اليوم . وقد وصلت دولا أعجمية وعربية ، وشرقية وغربية ، فما رأيت مثل هذا الإمام ، على كثرة من عرفنا من الأنام . وأظن عين المجد قد بكت عليه ، وروح التاريخ حنت إليه ، ولو فاح طيب ثناءه في الوجود لكان مسكا ، ولو نظمت مكارمه في عقد لانفصم من طوله سلكا سلكا . وقد رثاه العامة والحكام ، ورجال الإعلام ، وحملة الأقلام ، وبكاه رجال الصحافة ، وأهل الأدب والثقافة ، ونوه بفضله العلماء ، وبكاه الشعراء ، وأثنى عليه الأدباء ، وحزن عليه الزعماء . وما سمعنا بمثل جنازته في الإسلام ، ولم نعلم أنه مر مثلها مع الأيام ، من كثرة الزحام ، وما حل بالمسلمين من الآلام .

فقد اختلط الترحم عليه بالدموع ، وماجت كالبحر الجموع ، وأعلن خبر موته الإعلام المرئي والمسموع . ووددت أن النصارى شاهدوا جنازته واليهود ، ورأوا ذلك الموقف المشهود ، وأبصروا تلك الحشود والبنود ، والوفود والجنود ، ليعلموا منزلة علمائنا ، وقدر حكمائنا ، وأننا أمة تقدس الديانة ، وتوقر حملة الأمانة ، وأهل الرزانة والصيانة .

ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعة

تردى ثياب الموت حمرا فما أتى

غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر

لها الليل إلا وهي من سندس خضر

وقد رثيته بقصيدة بازية ، أصف فيها عظم الرزية ، أنزله الله رضوانه ، وأسبغ عليه غفرانه ، وبوأه أكرم نزل ، وألبسه أجمل الحلل ، جزاء ما قدم ، وأفاد وعلم ، وأتحف وأكرم ، فله علينا حق الدعاء ، وحسن الثناء ، وهذه سنة الوفاء ، ومذهب الأصفياء ، وعسى الملك العلام ، ذو الأيادي العظام ، والمنن الجسام ، أن يجمعنا به في دار السلام ، مع السلف الكرام .

قاسمتك الحب من ينبوعه الصافي

لا أبتغي الأجر إلا من كريم عطا

عفوا لك الله قد أحببت طلعتكم

Página 73