140

Maqamat

مقامات القرني

Géneros

مقامة الكتاب

{ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين }

أعز مكان في الدنى سرج سابح

أنيس إذا جالسته طاب قوله

وخير جليس في الزمان كتاب

وليس له عند الفراق عتاب

عليك بالكتاب ، فإنه خير الأصحاب ، وهو روح المؤانسة ، وقوت المجالسة ، أقسم الله بالكتاب المسطور ، في رق منشور ، لأن الكتاب كنز الإفادة ، وعنوان السعادة ، وهو أمين لا يخون ، وعزيز لا يهون ، إن حملته في النادي شرفك ، وإن جهلت أحدا عرفك ، يقوي جنانك ، ويبسط لسانك ، بالكتاب يجلس الصعلوك ، على كراسي الملوك، يقوم الزلل ، ويسد الخلل ، ويطرد الملل ، ويشافي العلل ، يحفظ الأخبار، ويروي الأشعار ، ويكتم الأسرار ، ويبهج الأبرار ، وهو أشرف لك من المال ، وأطوع لك من الرجال ، وأنسى عندك من العيال ، وبه تبلغ الكمال .

مللت كل جليس كنت آلفه

إلا الكتاب فلا يعدله إنسان

عاشرته فأراني كل مكرمة

له علي رعاه الله إحسان

والكتاب إذا خان الصديق وفى ، وإذا تكدر الزمان صفا ، ينسيك جحود الجاحد ، وحسد الحاسد ، وضغينة الحاقد ، خليل ما أملحه ، وصاحب ما أصلحه ، وصامت ما أفصحه ، يقرؤ في كل زمان ، ويطالع في كل مكان ، على اختلاف الأعصار ، وتباعد الأمصار ، بشير ونذير ، ونديم وسمير ، إذا وعظ أبكاك ، وإن حدث أشجاك، وإذا فرح أضحكك ، وإذا بشر أفرحك ، سليم من العيب ، يحمل في الجيب ، لا يشرب ولا يأكل ، ولا يغضب ولا يجهل ، إن هجرته حفظ ودك ، وإن طلبته صار عندك .

يغنيك عن الأرحام ، والأحباب والأصحاب ، فخير جليس في الأنام كتاب .

يقودك إلى الكرامة ، ويبعدك من الندامة ، ويطرد عنك السآمة ، هو نسب ما أشرفه ، وهو بوابة المعرفة ، وخلاصة الفلسفة ، يصلك بأساطين التفسير ، من كل عالم نحرير ، وإمام شهير ، ومحقق بصير ، ويحضر لك المحدثين ، أهل الرواية الصادقين ، والدراية العارفين ، وجهابذة النقل الواعين .

Página 40