وحد الملام. كحد الحسام ... وفقد الكرام. يهد الجسد
وقلب الحسود. كثير الوقود ... ووصل الحقود كمضغ المسد
وروح الرقيع كريح البقيع ... وروح الخليع. كروح الأسد
مواص المليح. وفاص القبيح ... وعاص الشحيح. إذا ما جمد
وبعد الهنات. فأصفى الصلات ... ضروب العظات لرشف الرشد
فعش باليفاع لكف النزاع ... وخذ في السماع. لترضى الصمد
ودفق فناك. وحقق فناك ... وطلق شذاك. إذا ما رعد
وسد في الأنام. بلين الكلام ... وحب السلام. وبغض الجسد
فلا تخدعنك. ولا تطربنك ... ولا يلهينك. صنوف الصفد
فإن الكعاب. تميط النقاب ... لتصمي اللباب. بنبل الكمد.
قال: فلما نقخ القلوب برطيب مراده، وضمخ الجيوب بطيب إيراده، وسألنا الدعاء لشمطه وأنهلنا سائغ مسمطه عقد إزاره وتفقد أزراره، وأبدى أزواره، ومنانا مزاره، بعد أن صارم المزاح، وفارق المراح وأطربنا وراح، وأتعبنا واستراح.
المقامة الخامسة عشرة الماردينية
أخبر القاسم بن جريال، قال: شعفت مذ نزر شناري، وشرف مناري، وكمل عذاري، وعظم حذاري، بإصلاح القصائد، وإعمال الفكر الصائد، ومداومة الشعر المجيد، ومصاحبة ذي الشعر الفاحم والجيد، فلم أزل أمارس فرسانه، وأخادن أخدانه، حتى علقت منه بسبب متين، وشربت شراب شهاده بأشرف وتين، فبينما أنا أنادم أضواء الشوابك، وأشابك شناتر الخشفان المشابك، إذ حذفت بمنجنيق التباعد، وقذفت بساعد القدر المساعد، مع صحبة ممردين، ورفقة متمردين، إلى مدينة ماردين، فولجتها خاليًا من النزيل، بالطرف الهزيل، لأكتنف كنًا يكنفني من جثول ثلوجها، إلى أوان خروج مروجها، لعلمي أن دخان هوجها، أطيب من طيب يلنجوجها، فحين برقت بروق جبابها، وشرقت علي فضائل أربابها، وسعيت في تورابها، إلى ملاعب أترابها، ألفيت أبا نصر المصري يتبرنس ويريس، ويتبهنس وبهيس، فلما أبصرني صرخ صرخة المهضوم، ومسح عني متوسط فضلات ثالث الهضوم، فانفتح من باب المسرة ما انسد، وابيض من وجوه المواجهة ما اسود، وانقبض باع المباعدة بعد ما امتد، ووهى قطع المقاطعة عندما اشتد، ثم قال لي: ما الذي أسلمك، وخفض في مسلك المكاسب سلمك، حتى أفنيت درهمك، وأضويت أدهمك، ثم مع هذه السفرة الصالحة، والروية المصالحة، علام تعول بهذا السكن، وتؤمل من استيطان هذا الوطن، الذي تستجدي باستحمامه الماء، وتستلم به سلامى الساكن السماء: ويلقى به الوقور، وتصادم صدور عقبانه عقابه، فلتجدن من قرة اللازم وصره الملازم ما ينسيك حرارة الوحيم، ويمنيك ولوج نار الجحيم، فقلت له: لا أعبأ به مع عب العقيق، وضم كشح الشادن الدقيق، ودفء الخدور وانضاج القدور، ومع هذا التحذير، ورفع أهداب هذه المعاذير، فما الذي تعرفه من اتفاقهم، وتغرفه بمغرفة انتفاء نفاقهم، وتصفه من طهارة أخلاقهم، واجتناب اختلاقهم، وكرم أعراقهم، واشآمهم في الشرف وإعراقهم، لأستلئم ما يليق لوطيسهم، وأترنم بما يروق قلوب عيس تعريسهم، فقال لي: يا ابن جريال أما اتفاقهم فقديم، وأما نفاقهم فعديم، وأما أخلاقهم فذكية، أما أعراقهم فزكية، يغمر وكف، كفوفهم المكفوف، وتصافح كف عرف معروفهم المعروف، يتهافتون مع الحمية، والمآثر الحاتمية، إلى جبر كسر المسود، تهافت النوب على نور ربى الخمائل السود، حتى لقد أنسيت لعدم عابهم، صعود صعابهم، وشاهدت من سهولة اتباعهم، ما أنساني خشونة رباعهم، وأنا برسالة مسائلتك أصدق سفير، وبوادي ودادهم، أرفع شفير، لأنني فيهم ابن سمير، وأعز شمير، وأكرم جبير، ولا ينبئك مثل خبير: البسيط:
قومًا علوا عاتق العلباء واعتصموا ... بمعقل من رفيع العزم ممتنع
يمسون يسمون بالسرو السني على ... سعد السعود بسعد ساد متسع
1 / 36