بالمنح تشرق شموس المدح، وطلاوة الوجود صلاح الجود، وحسن الفتوة منهاج المروة، وسلامة الكريم جبائر الرميم، وحباء المعروف أعباء العروف، وهم الأريب مجانبة المريب، وسلاح السماح مفتاح النجاح، وسحوح الانتصار معين الإنصار، وإقدام المقدام حمائم المحجام وحياة الظلوم حيات المظلوم، ودعاء لصالح مجلبة المصالح، وأسنى الوصال استمرار الاتصال، ولذاذة الأموال اكتساب المآل، وثواب الآلاء إسعاف الولاء، ومكافأة المفضال مولاة الإفضال، وأجمل المكارم محالفة الأكارم، وفخر الآدب تجميل المآدب، وتزيين الذمام مفارقة الذام، ومع الشرف إطراح السرف، ومن النعيم مصاحبة الحميم، ومن الطمع ادراع الطبع، وفي الإكرام انقياد الكرام، وبمواصلة اللئيم، مقاطعة الكريم ومحاسن الحسان استعمال الإحسان، ورفض الاستهتار دليل الأحبار، وسمن الأجسام هزال الأفهام، وإكمال النوال ثمرة الكمال، وكسب الفضل إفعوان الجهل، ولزوم الرقاد مانع المراد، وطلب الزهادة نتائج السعادة، وفي الجلل خوض البطل، وجمال السلطان نضارة الأعوان، وقرب الوشاة مضر الولاة، وقسط الشموس حصون النفوس، وحدائق المحامد غروس الأماجد، وجزاء الاعتراف اتحاف الإسعاف، وأحسن الأفاضل طالب التفاضل. وأنفس العطايا اجتناب الخطايا وأفحش العيوب إفشاء الذنوب، وأسوأ الأوقات نزول الموبقات، وأشد الشوائب محاسمة الحبائب، وأحلى المنن ملازمة السن، ومعيبة الأخلاق مفسده الاختلاف، وسبب الصلات جاذب العفاة وثناء الحسود شاهد المحسود وارتفاع الأعمال انتفاع العمال، واحتمال السفهاء شعار النبهاء، وذم المنائح اقبح القبائح، وإطلاق اللسان أسد الإنسان، وثبات الأقدام قوام الإقدام، قال الراوي: فحين نشر بيننا رنده، ورفع عندنا نده، وعلم أن كل ضب مرداته عنده قال لهم: عليكم النفيسة القيم، الأنيسة اللقم، التي وضعتها بدور الندور، ورصعتها بدور البدور، فإنها دواء المفؤود، وكفاء الوجل المزؤود، صقيلة النصل موافقة في القطع والوصل، منزهة في العكس والطرد، عن قرع حلقة باب السكون في السرد فاصقلوا لها مرآة الانتقاد، والحظوها لحظ الصيرفي النقاد، فلن يميز بين الأسد والنقاد إلا أبصار السادة النقاد، ولولا تقدم الهجود، وتضرم الأحشاء، بالجود، لزدتم من إدرار ديم هذا المدرار، فاللبيب من استغنى عن رباب العراص بسح أسمية هذا العراص وعن درة الغواص باقتناء در وهذا المغاص، فلما وقفوا على نفيسها، ورشفوا لذيذ خندريسها، وغبطوا ملحاء ملاحتها، ومدحوا فيحاء فصاحتها، قالوا له: وأيمن الله لقد امتد مدد درك لدينا ورد يوسف علم الأدب إلينا، تالله لقد آثرك الله علينا، فقال: ما بكل طاغ تطيقون العوم، ولا حول كل حول تحمدون الحوم، لا تثريب عليكم اليوم، ثم إنه لوى أذن صاحب اقتراحه، وألوى برمال المرح لاجتراحه، وقال: البسيط:
يا من إذا بارز الرزايا ... أبرز عزمًا خلاه ختم
عجل بما حق لي سريعًا ... فالوعد دين عليك حتم
فقال له: دونك وما ترتضيه، فالشرط ما يقتضيه، فنهضنا إلى بستانه، ورتعنا في مواهب هتانه، وعند حضور القيت وقتل قتله المقيت قال: يا قوم إن لي بهذه البلدة ساحجًا، متألم البلدة، وأخاف أن يبيت في خلائه، عادم تعهد خلائه، فاسمحوا لي باتشاح أشاح العود، في غد أحضر بعد معاودة العود قال: فما خالفوه حيث حالفوه ولكن أتحفوه بما فغر به فوه، فافترقنا فرقين من خببه، مشفقين من نصبه، مفهقين بضروب ضربه، لا نعلم ما صنع الله به.
المقامة الثامنة الحلوانية
1 / 20