============================================================
وإذا عمقت1 النظر في هذا القول، وجدته داعيا إلى التعطيل والإنكار للواحد المتعالي عن سمات المربوبين . وذلك آنهم متى قالوا: إن الله شيء، فقد حكموا أن الشيء هو الخالق. ثم وجدوا الشيء على الحقيقة العقل، بما فيه من المبروزات2 الروحانية والجسمانية، فكآنهم قد نفوا عن أن يكون لهذا الشيء خالق، بل هو علة جميع ما ظهر حته، إذ من اتفاق الجميع على أن ليس للخالق خالق. وليس شيء بمستحق لأن يقال:3 إنه شيء، لا كالأشياء، غير السابق لأنه شيء قد برز الله [50] فيه جسميع الأشياء من العلو و السفل. فليس شيء من الأشياء يشاكله ويماثله في هذه الفضيلة، بل هذه خاصية السابق. فهو شيء، لا كالأشياء، بمعنى عدم هذه الفضيلة في الأشياء، والشىء لا يخلو من أن يكون جوهرا، أو عرضا. والجوهر هو المنقسم إلى الاثنينية من الجسم والروح.
والعرض هو المنقسم إلى المقولات التسع. فلو كان الله، تعالى ذكره، شئا، كان جوهرا، أو عرضا. فإن كان جوهرا، احتمل التقسيم فيه. وكذلك العرض ذو الأقسام المعلومة.
والله4 جل عن التقسيم والتفصيل والتحديدا وتعالى عنه{ علوا كبير)51 فإن قال قائل: إن نفي الشيئية عنه توجب تعطيلا له. قيل له: وكذلك عند القائلين بالجسم والصورة والجوهر، إذا نفيت عنه الجوهرية والجسمية والصورية توجب تعطيلا له .
وسويه بعد أن نفيت الجوهرية والجسمية والصورية عنه في باب إيجاب التعطيل بنفي الشيئية عنه، لأن النافي عنه هذه الأشياء لا يظفر بشيء يستقر عقله عليه، مثل نفي الشيئية عنه، لا فرق بينهما. وإن جاز أن يكون شيء يبدع العالمين بما فيهما من الصور والجواهر، ولا يكون جوهرا ولا جسما ولا صورة من الصور، جاز أن يكون مبدغ يبدع هذه الأشياء، ولا يكون جوهرا ولا جسما ولا صورة ولا شئا، بمعنى الشيئية.
ومن قال: إن الله شيء، لا كالأشياء، احتاج أن [51] يعلم الأشياء كلها ليمكنه في السسختين: تعمقت.
" ز: المبزورات.
3 ز: لأن لا يقال.
، زيادة في ز: تعالى ذكره.
اسبحنه وتعللى عما يقولون علوا كييرا). سورة الإسراء17: 43.
Página 84