وذلك أنه لو كان غرض الانسان 〈واحدا〉 هو الذى اليه يقرن بعزيمته، فقد كان من الواجب أن يكون مختار أبدا من أشياء واحدة بأعيناها شيئا واحدا بعينه، اذ كانت حاله 〈حالا واحدة〉 بعينها وكان حافظا لفرضه المقصود الذى بحسبه كانت تكون عزيمته. ولأن الغايات التى بحسبها تكون العزيمة واختيار الأشياء التى 〈يجب أن〉 تفعل كثيرة (وذلك أن اللذيذ والنافع والجميل نصب أعياننا) وهذه بعضها يخالف بعضا وليس تلك الأشياء التى تحط بنا حالها حال متشابهة، صار الانسان فى كل واحد من هذه، اذا عزم واختار مرة بحسب الشىء اللذيذ ومرة بحسب الجميل وأخرى بحسب النافع، فليس بفعل أبدا أشياء بأعيانها ولا يختار أبدا أشياء بأعيانها، اذ كانت الأمور التى من خارج واحدة بأعيانها، ولاكن 〈التى〉 قد يظن بها أنها فى كل وقت تعين معونه كبيرة على الغرض المقصود.
وقد يتحلل بما قلناه القول الذى يجعل التخيل سببا للأفعال، لأنه ليس من أحد أن يفعل شيئا وفى وقت من الأوقات بخلاف ما يتخيله أنه أفضل. فان الأغراض التى بحسبها تكون العزيمة من التخيل كثيرة؛ ولا أيضا، ان كان الانسان يختار أشياء متشابهة، اذ كانت الأمور التى من خارج متشابهة، يلزمه أن يكون يختار أشياء بأعيانها اضطرارا وأن تكون الأشياء التى من خارج أسبابا للعزيمة؛ لأنه قد يمكن[ه] أن يرى فى واحد واحد من الاختيارات قبل اختياره لشىء من الأشياء يقدر أن يختار خلافه؛ واذا أمكنه أن يختار الشىء وخلافه، فقد يختار ما يظن به أنه أولى.
Página 203