غير أن الحكيم طلبه، قبل أن يلخص الحس، فقال لم لا يحس الحواس ذواتها، اذ كانت محسوسة، لاكنها تحس بالمحسوسات الخارجة فقط؟
فأطلق هذه المسئلة بأن قال ان الحس انما هو بالقوة، ومحسوسه هو الشىء المفارق له الممتاز منه، لأنه ليس شىء من الأشياء يفعل فى نفسه ولا يؤثر فيها، وأما الحس فيكون بالانفعال وقبول الآثار، فاذا لم يكن المحسوس حاضرا، كان الحس حينئذ بالقوة. وقال ان الحس ضربان، اما بالقوة واما بالفعل، 〈وكذلك المحسوس ضربان، اما بالقوة واما بالفعل〉.
فلما فرغ الحكيم من قوله ان الحس يكون بقبول الآثار وان الحس ضربان اما بالقوة واما بالفعل، أتبع قوله فقال كيف يكون القابل للآثار ومما يقبل تلك، أمن شبهه أم من ضده.
فلخص ذلك بأن قال ان القابل للآثار المنفعل يقبل الآثار من المحرك بالفعل على الهيئة التى يقوى المنفعل المؤثر فيه على أن يكون عليها . فأرى بقوله هذا أن الشىء المنفعل المؤثر فيه ربما قبل الأثر والفعل من شبهه وربما قبل الفعل والأثر من ضده.
Página 170