محامي فروان يزوره يوميا ويستمتع بسماع الراديو ،، ومن ثم التحدث عن قضايا الساعة وأمور المجتمع ، المحامي وأسمه ناشر لصيقا لفروان ، ربما لأنه يعتمد عليه كمصدر رزق ... ولابأس من التسلي بسماع الراديو .. كربح إضافي ،، راديو فروان يصاب فجئة بخلل فني .. ولايوجد فنيا بالقرية لإصلاحه ،، وبنأء على نصيحة ناشر يستعد فروان للرحيل لبلدة ساحلية تبعد مسير يومين سيرا على الأقدام ،، وعلى فروان خلال المرحلة في طريقه من الجبل أن يجتاز سهل تهامة ،، وبه ما يسمى الحواز أي المناطق التي تقع في أسفل الجبل وبها الأودية دائمة الجريان ومياه أسنة بالحقول خلفتها مياه الأمطار وهي مكامن لتجمع البعوض ،، والجبليين يحذرون في العادة المبيت بتلك الأماكن ... لكونها موبؤة ..
فروان يعد العدة للرحلة الشاقة .. فلاغنى له عن سماع الراديو ،، رغم معارضة مزهرة ،، فهي ترى أن الراديو غير ضروري وتبذير للوقت والمال ،، لكن ما باليد حيلة فروان مغرم به ،، ثم إحتراما لوكيله الشرعي ناشر يجب أن يستمر عمل الراديو ...
ذهب فروان حاملا الراديو المعطوب ... ولبث في رحلته أسبوعا كاملا .. وعاد مظفرا ،، وعادت الأسرة والأصدقاء للتجمع حول الراديو ،، لكن فروان أصيب بالملاريا كونه قضى إحدى الليالي بالحازة أو أسفل الجبل ، وتمكنت حمى الملاريا منه حتى حدت من نشاطه ،، وحيوته ... وتلى ذلك قصورا بإنتاجياته .. لكن مزهرة شمرت عن ساعديها القويين ،، وسدت الفراغ الذي خلفه زوجها ،، وجعلته يسترخي ويستريح بالمنزل معظم فترات الوقت ،، وفي المنزل كان المؤنس له جهاز الراديو ثم زيارات ناشر اليومية المتكررة ،، ناشر أصبح وجها مألوفا داخل الأسرة ، يأكل ويشرب معهم وينادمهم .. وبالطبع يستمتع بسمنهم وعسلهم ويملأ جيبه بنقودهم ..
Página 55