Lógica y Filosofía de las Ciencias
المنطق وفلسفة العلوم
Géneros
لكنه يصادف دون ذلك عقبات، فالطبيعة تتبدى له أكثر تعقيدا وغموضا مما ظنه في البداية، والإنسان يخدعه، واللغة تحيره، وهو يصطدم بأشياء متناقضة وأشخاص يناقضونه، ويفطن إلى أنه قد «خدع» فتجربة الخطأ خصبة، بمعنى أنها تؤدي به إلى التساؤل عن سببها، والبحث عن الطرق التي تمكنه من أن يتجنب في المستقبل ما تجلبه عليه مواجهتها من أضرار، وإذا أدرك أنه قد أساء الحكم، انتهى إلى أن يتساءل: كيف يحكم؟ وعندئذ، يبدأ المنطق.
ومن المشاهد، في تاريخ الإنسانية الغربية، أن المنطق قد ظهر في اللحظة التي كان الفلاسفة فيها قد ملوا تلك المذاهب التي يواجه كل منها الآخر ويناقضه مثلما يتقابل، بصفة رمزية، وجه هرقليطس الباكي ووجه ديمقريطس الضاحك. وملوا كذلك تلك الألاعيب الخفية التي يلجأ إليها السفسطائيون في لغتهم، فشرعوا في دراسة العقل، ليعلموا كيف يحسن المرء التفكير.
الفهم، وهو الوظيفة المثالية للحقيقة
يقول الفيلسوف اليوناني أنكساجوراس
1 «في البدء كان كل شيء مختلطا، ثم أتى العقل
Nous
فميز كل الأشياء ليعيد تنظيمها» ونحن لا ننكر أن مذهب هذا الفيلسوف اليوناني كان يشوبه شيء من الروح الأسطورية، غير أن هذه العبارة تتضمن وصفا بارعا للعمل الذي يباشره العقل على نفسه بغية القضاء على الاضطراب الذهني، والتخلص من الخطأ الذي هو في حقيقته خلط، ولذا لما نقل إلينا أرسطو هذه الفكرة التي كشفها أنكساجوراس، أضاف إليها هذا المديح الرائع للفيلسوف: «لقد كان يبدو، وسط السابقين عليه، كرجل صائم وسط أناس سكارى يتحدثون كيفما اتفق.»
وهكذا عرف أنكساجوراس النوس
Nous
وأطلق عليه اسم العقل.
Página desconocida