Lógica y Filosofía de las Ciencias
المنطق وفلسفة العلوم
Géneros
على أن هذا العلم ليس هو الحساب، إذ إن الحساب يبرهن، ولكنه لا يعبأ بتبيان ماهية البرهنة، كما أنه لا يعبأ بأن يبين السبب في تأكد المرء من النتيجة عندما يبرهن عليها. (1) اليقين والانتباه
ذلك لأن المنطق هو، على نحو آخر، «علم اليقين»، واليقين حالة نفسية، ولكن مضمونها يتجاوز نطاق علم النفس فيقين المرء معناه أنه يشعر بأنه قد وصل إلى الحقيقة، وإلى الشيء كما يوجد في ذاته. أي أنه، كما يقول مالبرانش، شعور المرء بأنه «يفكر كما يفكر الله»، والواقع أن العقل بعملياته الأساسية يتجاوز مجال علم النفس. ولقد أبدى مالبرانش ملاحظة عميقة حين قال عن «الانتباه» إنه «صلاة طبيعية»: وكان يعني بذلك أنه مجهود يبذله المرء ليخرج عن ذاته، وليتجاوز حدود شخصه، ولكن لا بأن يسمو، بل على العكس من ذلك، بأن يتضع ويدل، وينصرف عن ذاته، وينتظر العون والحل من مصدر أعلى منه، كما يفعل عندما يصلي، وبالمثل يمكننا القول بأن اليقين هو الشعور «الطبيعي» بمثول الله (في النفس)، أو هو ذلك الشعور بالأزلية الذي حدثنا عنه سبينوزا.
13
ولكن إذا كان ثمة أفعال للذهن هي هي من جهة ذاتية، ومن جهة أخرى تدل على قصد موضوعي، وهو القصد الذي ينبغي أن يتحقق من حين لآخر (وإن لم يكن في وسعنا أبدا أن نقول إنه قد تحقق في حالة معينة) فثمة علم للذهن يتجاوز نطاق علم النفس. هذا العلم، كما قلت من قبل، هو المنطق، ولنقل مرة أخرى، وعلى نحو آخر، أنه الوعي الذهني.
المنطق «علم معياري» للحقيقة
بينما كان علم النفس ينظر إلى الظواهر النفسية، كما قلنا، في وجودها المحض، ودون أن يكون له من هدف سوى بيان مدى ترابطها أو تنوعها، فإن المنطق ينظر إلى العقل باعتبار قيمته فالتصورات العقلية تسمو في مرتبتها على الوجود المحض وتمتاز عنه بأن لها «قيمة».
والقيمة تطلق، بصفة خاصة، على الصفة التي تجعل أشياء معينة تستحق التقدير، وحكم القيمة هو الحكم الذي يعترف للأشياء بهذه الصفة. ومن أمثلته، الحكم الذي يعلن جمال عمل فني، أو الطابع الأخلاقي لفعل ما. ولنلاحظ أن أحكام القيم قد تكون سلبية، فتنفي عن الشيء القيمة التي كان ينبغي أن تكون له، والتي كان المرء يتوقع أن يجدها فيه. (1) العلوم المعيارية: الأخلاق وعلم الجمال والمنطق
والقيم تنتمي إلى ثلاثة أنواع رئيسية: قيم الأخلاق، والجمال، والحقيقة، وهي التي ترتبط بمعان ثلاثة هي: الخير والجمال والحق، وهذه المعاني الثلاثة موضوعات لثلاثة علوم يطلق عليها اسم «العلوم المعيارية»، وذلك من أجل التعبير عن طابعها الخاص وعلاقتها بالقيمة، وهي: الأخلاق التي تتخذ لها موضوعا، وعلم الجمال، وموضوعه الجمال، والمنطق، وموضوعه الحقيقة.
ويتميز العلم المعياري عن العلم المألوف بأنه يتكون من أحكام قيم، وبأنه يضع أسس هذه الأحكام بأن يستخلص ما يسمى بمعيارها (الخير، الجميل، الحق). ومثل هذا العلم لا يكتفي بوصف موضوعه وبيان القوانين التي تحدد طبيعته، بل يميز في موضوعه بين الأشكال الصالحة والأشكال غير الصالحة، ويقرر نوعا من التدرج بين هذه الأشكال.
ومن المهم أن نلاحظ أن العلم المعياري يصل إلى هدفه دون أن يستمد أسباب تفضيلاته من شيء آخر سوى الموضوع ذاته. فقد يحدث بالفعل أن تقوم علوم غير معيارية بعملية ترتيب الموضوعات التي تعنى ببحثها ترتيبا تدريجيا. غير أن ذلك يحدث دائما بناء على غاية خارجية، فعلم الطبيعة مثلا يميز بين الأشكال العليا والأشكال الدنيا للطاقة، ما دام يتحدث عن «تدهور» للطاقة، ولكن ذلك لا يكون إلا بالنسبة إلى حصيلة هذه الطاقة في عمليات التحول، وهذه الحصيلة لا قيمة لها إلا بالنسبة إلى غايات الصناعة. فالأحكام المعيارية في علم الطبيعة لا تحدد على أساس اعتبارات فيزيقية؛ بل على أساس اعتبارات لها صلة بالوسائل العملية، أعني خارجة عن مجال علم الطبيعة بمعناه الصحيح. أما في الأخلاق، فإن الحكم على الظواهر الأخلاقية مستمد من أسس جوهرية في الأخلاق ذاتها، لأن الأخلاق تنطوي في ذاتها على غايتها، وبالمثل لا يحقق الشيء الجميل في علم الجمال، غاية صناعية خارجة عن نطاق هذا العلم، وفي المنطق يكون الحق غاية في ذاته ولذاته، ففي العلوم المعيارية تبنى أحكام القيم على أسس داخلية، هي جزء لا يتجزأ من مجال العلم ذاته؛ فالمعيار شيء أصيل في العلم المعياري، وهو الذي يكون موضوعه الخاص. (2) التوازي الشكلي بين العلوم المعيارية
Página desconocida