ووكثيرا ما يلجئه الأمر، أعني الشيخ إلى سبه الصاحب وإخراج سيء القول له، وربما ايكلم في المجلس من كلام السفهاء لما يحمله الغضب والانزعاج حتى لا يفيق بما اصدر منه ، وربما يقوم من المجلس غضبانا المرة بعد المرة وببطل درس ذلك اليوم كل ذلك لا يثني الطالب عما أراده ولا الشيخ عما يلقيه . لله درهم أجمعين! كانت ايرتهم محمودة، واثارهم مشهودة، وسقطاتهم معدودة، ومع هذا آنا بينهم ملقى لا في العير ولا في النفير، ولا أشعر الآن بالصواب مع من هو منهما لقصور باعي إذ ذاك 1 عن إدراك البحث والتفطن له ، إلا أنني استشعرت من / الشيخ بعد مخالطتي له أن ه كان لا يحتمل البحث ولا يرضاه ويضيق ذرعا، وجعل قوة عمله حفظ ما يلقيه الأصحابه، تفهمت هذا من انبساطه للايراد آخر أمرء ومن غير ذلك من قرائن حاله.
ولم أزل على هذا الأمر مع الشيخ إلى أن قدر الله تعالى ببطالة(1) ممسك الكتاب للدرس، فلم يأت يوما من الأيام، فأعطى(4) الكتاب لصاحبنا أبي العباس احمد بن ثلجون يقرأه، فكان بطيء الحركة لا يسرع بإخراج الألفاظ، فكان صاحبنا(2) اقول له : أعط الكتاب لفلان يقرأه، يريدني به ، فيعطيه الشيخ الاذن الصماء ويلوي اعلى جوابه ويظهر الكراهية لذلك، فأعطاه لأبي العباس الميلي (4)، فكان أبطأ من الأول وأقل تخريجا منه، فاضطره الأمر إلى أن اعطيت الكتاب عن كراهة منه، ومع اهذا كان إذا يختلي بصاحبنا ويسأله عن حالي يثني له علي خيرا ويذكر له ما لي من االهم وفصاحة اللسان.
لما أن أخذت الكتاب وقرأته عليه بسط الله لساني بقراءته فكأنني إذ ذاك كاتبه او مؤلفه في سرعة القراءة ومتانة ضبط الكلمات وانتساق(5) نظامها، فكمل درسه ذلك 11 اليوم وهو لا يلوي إلي طرفا ولا يستقبلني وجها إلى أن / انقضى ، وانصرف معه الصاحب ابن راشد إلى داره أو لقيه دوني، فذكر له أن كل ما كنت تقول عليه وجدته (1) أي بتغيبه أو بانقطاعه عن الحضور.
2) أي الشيخ التواتي.
(2) يعني اين راشد (1) سبقت ترجمته، انظر ص 45.
(5) في الأصل (وانتسا)
Página desconocida