وذلك لأن أحدا لم تثبت حكمته، فلا يجب ان يجعل أصلا لكلام الحكيم، ولأن أحدنا قد يفعل الكلام، لاجتلاب نفع، ودفع مضرة، ولأمور تتعلق بحاجته فلا يمتنع ما ذكرته في كلامه، وإنما يمتنع ذلك، إذا كان مقصده الافادة، وهذا سبيل كلامه تعالى، لأنه إنما يفعل الخطاب للافادة، ويتعالى عن الحاجة، فلا بد في كلامه من الفائدة التى بيناها».
في بطلان طعنهم على القرآن بالتناقض والاختلاف:
يبطل القاضي طعن من طعن على القرآن، بأن فيه تناقضا واختلافا، فيما يتصل باللفظ، والمعنى، والمذهب.
ويقول القاضي: «1» وقد تقصى شيخنا «أبو علي» القول في ذلك، في نقض كتاب «الدامغ» «2» وشفى الصدر رحمة الله، بما أورده، وقد نبهنا على الأصل في ذلك، ولو لا أن الكلام فيه يطول لذكرنا بعضه، والذي قدمناه في شبه المخالفين، في المخلوق والاستطاعة، يبين فساد هذا القول، لأنهم إنما يتعلقون بمثل هذه الشبه، عند ادعائهم التناقض، ونحن نورد اليسير مما أورده «ابن الراوندي» في كتاب «الدامغ» وادعى به المناقضة، ليعرف به سخفه، فيما ادعاه وتمرده، وتجرؤه، فالقليل من الأمور يدل على الكثير ونحيل في الباقي، على ما نقض به شيخنا «أبو علي» رضي الله عنه كلامه.
ادعى «3» أن قوله تعالى: فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم «4».
Página 128