El Método de Rashad
Géneros
ولا مادة خصوصا على القول بقدمها ، كما ينسب ذلك إلى ذيمقراطيس وشيعته القائلين بالأجسام الصلبة ، وكذلك على مذهب المشائين القائلين بتركب الجسم من الهيولى والصورة ، وإن كان ينعدم بالموت الاتصال الذي هو أحد جزئي الجسم لكنه يبقى الجزء الآخر أعني الهيولى إذ لا مادة لها ولا ضد وخصوصا على القول بقدمها كما هو مذهبهم. وكذلك على مذهب الإشراقيين القائلين بأن حقيقة الجسم هو الاتصال ، وذلك الأمر المتصل من دون إثبات مادة سواه وإن كان ينعدم بالموت الاتصال الذي هو حقيقة الجسم لكنه لا ينعدم بالمرة ، فان انعدامه كذلك إنما يمكن أن يكون إذا طرأ الانفصال على كل حد من حدود الاتصال الذي في الجسم وهو ممتنع إذ طروؤه كذلك يستلزم خروج جميع الانقسامات الممكنة في الجسم إلى الفعل وهو محال. على أنه يمكن القول ببقاء الأجزاء الأصلية التي كانت للبدن كما نطق به الشرع على كل مذهب من تلك المذاهب ، ولا شك أن بقاءها مما هو منشأ للحكم بعدم انعدام البدن بالمرة وهذا ظاهر.
وأما النفس ، فلا يخفى أن الشرع ناطق بأنها ذائقة الموت ، فينبغي أن يشار إلى أنه كيف هو. فنقول : إنه على مذهب من يقول إنها من الأعراض الحالة في البدن ، ينبغي القول بانعدامها بالكلية فإن العرض ينعدم بالمرة بانعدام موضوعه ولو في الجملة. وعلى مذهب من يقول بأنها جسم ، ينبغي القول بانعدامها مثل انعدام الجسم أي البدن ، كما مر.
وأما على مذهب من يقول إنها جوهر مجرد باق كما هو الحق وسيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى فينبغي القول بأن موتها عبارة عن قطع تعلقها عن البدن من غير أن يستلزم انعدام ذاتها وحقيقتها ، وحيث عرفت ذلك فاعلم : أن بقاءها بعد خراب البدن ، مما دل عليه الشرع ، ويؤيده العقل بل الإجماع أيضا. قال الشارح القوشجي في شرح التجريد في قول مصنفه : «ولا تفنى بفنائه» : اتفق القائلون بمغايرة النفس للبدن على أنها لا تفنى بفنائه ، ودليل المتكلمين على ذلك النصوص من الكتاب والسنة وإجماع الامة ، وهي من الكثرة والظهور بحيث لا تفتقر إلى الذكر ، وأما الفلاسفة فقالوا : يمتنع فناء النفس إلى آخر ما نقله عنهم من الدليل العقلي عليه . (1)
Página 127