357

وأما القوة (1) التي في غير ذوات النطق والتخيل ، فإنها إذا لاقت القوة المنفعلة وجب هناك الفعل ، إذ ليس هناك إرادة واختيار ينتظر (2)، فإن انتظر هناك فيكون طبع منتظر (3) فإذا كان يحتاج إلى طبع ، فلذلك الطبع هو إما المبدأ للأمر أو جزء (4) من المبدأ. والمبدأ مجموع ما كان قبل وما حصل ، ويكون حينئذ نظيرا للإرادة المنتظرة ، لكن الإرادة تفارق هذا من حيث تعلم.

والقوة الانفعالية أيضا التي يجب إذا لاقت الفاعل أن يحدث الانفعال في هذه الأشياء ، هي القوة الانفعالية التامة ؛ فأن القوة الانفعالية قد تكون تامة وقد تكون ناقصة ، لأنها قد تكون قريبة وقد تكون بعيدة ، فإن في المني قوة أن يصير رجلا ، وفي الصبي أيضا قوة أن يصير رجلا ، لكن القوة التي في المني تحتاج إلى أن تلقاها أيضا قوة محركة قبل التحرك إلى الرجلية ، لأنها تحتاج أن تخرج إلى الفعل شيئا ما غير الرجل ، ثم بعد ذلك يتهيأ أن يخرج (5) إلى الفعل رجلا بالحقيقة ، فإن (6) القوة الانفعالية الحقيقية هي هذه. وأما المني فبالحقيقة ليست فيه بعد قوة انفعالية ، فإنه يستحيل أن يكون المني وهو مني ينفعل رجلا ، لكنه لما كان في قوته أن يصير شيئا (7) غير المني ثم انتقل (8) بعد ذلك إلى شيء آخر ، كان هو بالقوة أيضا ذلك الشيء ، بل المادة الاولى هي بالقوة كل شيء. فبعض ما يحصل فيها يعوقها عن بعض ، فيحتاج المعوق عنه إلى زواله ، وبعض ما فيه لا يعوق عن بعض آخر ، ولكنه يحتاج إلى قرينة اخرى حتى يتم الاستعداد ، وهذه القوى هي بعيدة (9).

وأما القوة القريبة فهي التي لا تحتاج إلى أن تقارنها قوة فاعلية قبل القوة الفاعلية التي تنفعل عنها ، فإن الشجرة ليست بالقوة مفتاحا ، لأنها تحتاج إلى أن يلقاه (10) أولا قوة فاعلية غير (11) الفاعلية المفتاحية ، وهي القوة القالعة والناشرة والناحتة ، ثم بعد ذلك يتهيأ لأن ينفعل (12) من ملاقاة القوة الفاعلية للمفتاحية مفتاحا (13).

والقوى بعضها يحصل بالطباع ، وبعضها يحصل بالعادة ، وبعضها بالصناعة ، وبعضها

Página 29