353

أو ثانيا ، بل هو جزء للحيوان والنبات ، به يتم وجودهما ، سواء كان الجزء هو الجزء الذي فرضناه أولا أو ثانيا. وكيف ما كان ، فذلك المبدأ الذي سميناه نفسا جزء من الحيوان والنبات به يتم وجودهما بالفعل ، سواء سميته صورة أو كالصورة ، أو كمالا أو كالكمال ، أو قوة أو نحو ذلك من الأسامي.

فلنظر في ذلك وفي أن إطلاق أي هذه الأسماء عليه أولى وأحرى؟

وقوله : «فنقول الآن : إن النفس يصح أن يقال [لها] (1) بالقياس إلى ما يصدر عنها من الأفعال : قوة. وكذلك يجوز أن يقال لها بالقياس إلى ما يقبلها من الصور المحسوسة والمعقولة على معنى آخر : قوة».

هذا نظر في أنه هل يصح عليه إطلاق القوة أم لا؟ وحيث كان بيانه يستدعي تفسير معاني القوة وشرحها ، فلنذكرها حتى يتضح المقصود.

فنقول : قال الشيخ في «إلهيات الشفاء» في فصل «في القوة والفعل والقدرة والعجز» (2): إن لفظة القوة وما يرادفها قد وضعت أول شيء للمعنى الموجود في الحيوان ، الذي يمكنه بها أن تصدر عنه أفعال شاقة من باب الحركات ليست بأكثرية الوجود عن الناس في كيفيتها أو كميتها (3)، ويسمى ضده (4) الضعف ، وكأنها زيادة وشدة من المعنى الذي هو القدرة ، وهو أن يكون الحيوان بحيث يصدر عنه الفعل إن (5) شاء ، ولا يصدر عنه إذا لم يشأ ، التي ضدها عجز (6).

ثم نقلت عنه ، فجعلت للمعنى الذي لا ينفعل له وبسببه الشيء بسهولة ، وذلك لأنه كان يعرض لمن يزاول الأفعال والتحريكات الشاقة أن ينفعل أيضا منها ، وكان انفعاله والألم الذي يعرض له منه يصده عن إتمام فعله ، فكان إن انفعل انفعالا محسوسا قيل : له ضعف وليس (7) له قوة ، وإن لم ينفعل قيل : إن له قوة. فكان «أن لا ينفعل» دليلا على المعنى

Página 25