298

يجري العلة المذكورة في الوجهين فيما ذكره أيضا ، ويرد ما أورده عليه ، وليس ذلك مقصود المانع ، بل إنما مقصوده في التقرير الأول للسند جواز أن يكون الشيء بعد ما طرأ عليه العدم ممتنعا باعتبار قيد معتبر معه ، هو لازم ماهيته أي طريان العدم الذي هو منشأ الاختلاف حال ذلك الشيء في الاتصاف بالوجود ، ومنشأ امتناعه ، أي امتناع وجوده مرة اخرى ، ولا مدخل في ذلك للزمان أصلا وإن كان مقارنا معه ، وأن يكون قبل ذلك ممكنا ، أي أن يكون مع عدم اعتبار ذلك القيد معه كما هو قبل طريان العدم ممكن الوجود.

وكذلك مقصود المانع في التقرير الثاني جواز كون الشيء ممكن الاتصاف بالوجود الأول ، لا من جهة كونه وجودا واقعا في الزمان الأول ، بل من جهة كونه وجودا مطلقا بمعنى عدم تقيده بقيد مناف ، كقيد طريان العدم. وكذا جواز كون الشيء ممتنع الاتصاف بالوجود الثاني ، لا من جهة كونه وجودا ثانيا واقعا في الزمان الثاني ، بل من جهة تقيده بقيد معتبر في مفهومه ، وهو طريان العدم ، وإن كان مقارنا للزمان.

ولا يخفى أن العلة المذكورة بهذا المعنى الذي ذكرناه ليست جارية فيما ذكره القائل في الحادث ، وأجراها المحقق الدواني فيه ، إذ الحادث في زمان عدمه لم يقيد بقيد لازم لماهيته أو داخل في ماهيته ، يمكن أن يكون ذلك القيد منشأ لامتناعه ، وكذا هو في زمان وجوده لم يقيد بقيد كذلك يمكن أن يكون سببا لوجوبه ، وكذلك الوجود في زمان عدمه لم يقيد بقيد معتبر في مفهومه أو لازم له ، يوجب كون الحادث ممتنع الاتصاف به ، وكذا هو في زمان وجوده لم يقيد بقيد كذلك يكون منشأ لوجوب اتصاف الحادث به.

نعم في هذه الصور قد قيد الحادث أو وجوده بقيد الوقوع في الزمان المختلفين ، وقد عرفت مرارا أن اختلاف الزمان بمجرده لا يصير منشأ لاختلاف حال الشيء ولا لاختلاف حال الوجود إمكانا وجوبا وامتناعا.

وهذا الذي ذكرنا في توجيه كلام الشارح ، وإن كان غير مصرح به في كلامه في الجواب الذي ذكره ، لكنه ظاهر منه بقرينة ما سبق منه فى التمهيد الذي ذكره. فانه ينادي به عند التأمل الصادق فيما ذكره من أن الوجود وكذا العدم قد يقيد بقيد سلبي أو إضافي ، فلا يقتضي الشيء ، إياه ، بل يمتنع اتصافه به ، كما فصله من الأمثلة ، فإن كلامه ظاهر في أن سبب ذلك الامتناع ليس إلا ذلك القيد ، لا اختلاف الزمان. كيف وهو قد ذكر في صدر

Página 347