33

Manhaj Qawim

المنهج القويم في اختصار «اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية»

Investigador

علي بن محمد العمران

Editorial

دار عطاءات العلم (الرياض)

Número de edición

الرابعة

Año de publicación

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Ubicación del editor

دار ابن حزم (بيروت)

وأيضًا: فقد يستغفر الرجل من الذنب مع إصراره عليه، أو يأتي بحسناتٍ تمحوه أو بعضَه، وقد يُقلِّل منه، وقد تضعف همتُه في طلبه إذا عرفَ أنه منكر. ثم لو فُرِضَ أَنَّا علمنا أن الناسَ لا يتركون المنكر ولا يعترفون بأنه منكر، لم يكن ذلك مانعًا من إبلاغ الرسالة وبيان العلم، بل ذلك لا يُسْقط وجوب الإبلاغ، ولا وجوبَ الأمر والنهي في إحدى الروايتين عن أحمد ﵀ وقول كثير من أهل العلم. وهذا أمر عامٌّ في كلِّ منكر أخبر الصادقُ بوقوعه. وقد قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٩]. فقد برَّأ -سبحانه- رسولَه بأن يكون فيه شيءٌ من المُفَرِّقين لدينهم، فمن كان متبعًا له حقيقةً كان متبرِّئًا کتبرئته، ومن كان موافقًا لهم في شيء كان مخالفًا للرسول بقدر موافقته لهم. وما دلَّ عليه الكتابُ جاءت به سنةُ رسولِ الله وسنة خلفائهِ الراشدين التي أجمع الفقهاء عليها بمخالفتهم وترك التشبه بهم. ففي "الصحيحين" (^١) أنه قال: "إنَّ اليَهُوْدَ والنَّصَارَى لا يَصْبُغُوْنَ فَخَالِفُوهم"، فاقتضى أن جِنْسَ مخالفتهم أمرٌ مقصود للشارع؛ لأن الفعل المأمور [به] (^٢) إذا عُبِّر عنه بلفظٍ مشتقٍّ من معنىً أعم من ذلك الفعل، فلا بُدَّ أن يكون ما منه الاشتقاق أمرًا مطلوبًا، لا سيما إن ظهر

(^١) البخاري رقم (٣٤٦٢)، ومسلم رقم (٢١٠٣) من حديث أبي هريرة ﵁. (^٢) مطموسة في الأصل، والإكمال من "الاقتضاء": (١/ ١٨٦).

1 / 37