وقال الزمخشري في (كشافه): في قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء}: ((وكيف تلزم طاعة أمراء الجور وقد جنح الله الأمر بطاعة أولي الأمر بما لا يبقي معه شك، وهو أن أمرهم أولا بأداء الأمانات، وبالعدل في الحكم، وأمرهم آخرا بالرجوع إلى الكتاب والسنة فيما أشكل، وأمراء الجور لا يؤدون أمانة، ولا يحكمون بالعدل، ولا يردون شيئا إلى كتاب ولا إلى سنة، إنما يتبعون شهواتهم حيث ذهبت بهم، فهم منسلخون عن صفات الذين هم أولو الأمر عند الله ورسوله، وأحق أسمائهم اللصوص المتغلبة)). انتهى.
وأما دفع الزكوات إليهم فعلى جهة التوكيل له أن يصرفها في مصارفها يجوز إن فعل، فإن لم يفعل أو لم يكن على جهة الوكالة أو أخذها جبرا لم يجز مطلقا.
وأجاب الآخرون بما حكاه القاضي عياض قال: وقد ادعى أبو بكر بن مجاهد عدم الخروج على الظلمة بالإجماع.
ويحتج له بأحاديث: ((فاضربوا عنق الآخر )) التي منها عند مسلم من طريق عرفجة بن شريح، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه)) وفي لفظ مسلم: ((فاضربوه بالسيف كائنا من كان)) .
قال الشوكاني: وقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم الأمر بقتل الإمام الآخر الذي جاء ينازع الإمام الأول وكفى بهذا زاجرا وواعظا انتهى.
إذا تبين لك ما ذكرنا من الأدلة في هذا الباب، فاعلم أنه لا تعارض فيما بينها.
Página 120