وهذا وجه حسن لوصف من حكم بغير ما أنزل بأحد الخصال المذكورة باعتبار مناسبة المحكوم به.
وظاهر خبر الأصل وشواهده كتابا وسنة، عموم تحريم الحكم بغير ما أنزل الله، سواء كان لجهل الحاكم بذلك، أو للقصور منه، أو التقصير في التثبت أو في النظر في أدلة المسألة، وكل ذلك مانع له من الدخول في ذلك، ويحرم عليه طلب ذلك، ولا خلاف في ذلك إذا كانت حالته كذلك، أو للحيف في حكم الله، أو الميل عما أنزل الله، أو لابتغاء الدنيا، أو الجاه عند الناس، أو عند أمره، أو الإرشاء، أو المحاباة، أو لغير ذلك، لورود النهي بقبح كل ذلك في قوله تعالى في آية المائدة: {فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا} [المائدة:44].
قال في (الكشاف): (({فلا تخشوا الناس} نهي للحكام عن خشيتهم لغير الله في حكوماتهم وإدهانهم فيها وامضائها على خلاف ما أمروا به من العدل، لخشية ظالم، أو خيفة أذية أحد من القربى والأصدقاء: {ولا تشتروا} ولا تستبدلوا، ولا تستعيضوا بآيات الله وأحكامه ثمنا قليلا، وهو الرشوة، وابتغاء الجاه ورضا الناس، كما حرف أحبار اليهود كتاب الله، وغيروا أحكامه، رغبة في الدنيا، وطلبا للرياسة فهلكوا)) انتهى) .
Página 105