[كيفية ثبوت الإمامة]
قال بعض العلماء: وحاصل ما دل عليه فعل الصحابة وأقوالهم فمن بعدهم في طريق ثبوت الإمامة أحد ثلاثة أمور:
إما أن يجتمع جماعة من أهل الحل والعقد فيعقدوا لواحد منهم البيعة ويقبل ذلك منهم كما في أبي بكر وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وسواء تقدم منهم الطلب لذلك أم لا، لكنه إذا تقدم منه الطلب فقد وقع في النهي الثابت عنه صلى الله عليه وآله وسلم عن طلب الأمارة، فإذا بويع بعد الطلب انعقدت ولايته وإن أثم بالطلب، وليس من شرط ثبوت الإمامة أن يبايعه كل من يصلح للمبايعة، وكذا ليس من شرط الطاعة على الرجل أن يكون من المبايعين، فإن هذا الاشتراط في الأمرين مردود بإجماع المسلمين أولهم وآخرهم، ولقول أمير المؤمنين عليه السلام: ((ولعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتى يحضرها عامة الناس ما إلى ذلك سبيل، ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها)).
فقوله: ((أهلها)) ظاهره أنه يكفي في انعقادها من حضر من أهلها، أو يعهد الخليفة الأول للثاني ، كما وقع من أبي بكر لعمر، ولم ينكر ذلك عليه، أو ينص الأول على واحد من جماعة سماهم يتوالوا على واحد منهم ويبايعونه كما فعل عمر لأولئك النفر من الصحابة ولم ينكر عليه.
فإذا وقع أي هذه الأمور المعتبرة فإنها هي الإمامة التي تجب بعده الطاعة وتثبت به الولاية، ويحرم معه المخالفة والخروج عليه، وتثبت به الحجة فتجب الطاعة للإمام على من في القطر أو الأقطار التي تنفذ فيه أو فيها أوامره ونواهيه.
Página 72