فمشروعية نصب السلطان هي من هذه الحيثية ودع عنك ما وقع في المسألة من الخبط والغلط، والدعاوي الطويلة العريضة التي لا مستند لها إلا مجرد القيل والقال، والاتكال على الخيال، الذي هو {كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا} [النور:39].
ثم من أعظم الأدلة على نصب الأئمة وبذل البيعة لهم ما أخرجه أحمد، والترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان في ((صحيحه)) من حديث الحارث الأشعري، بلفظ: ((من مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتته موتة جاهلية)) ، ورواه الحاكم من حديث ابن عمر، ومن حديث معاوية والبزار، ورواه من حديث ابن عباس انتهى.
قلت: وسيأتي الكلام عليه في الحديث الآتي وما وقع من الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محمول على أنه لم يرد فيها نص، وقد دل حديث المنزلة الآتي وما سنذكره هنالك من الأدلة على أن منصبها العلوي الفاطمي.
وإلى ذلك ذهب جمهور المعتزلة ومن وافقهم وأئمة أهل البيت ومن تابعهم، قالوا: ولا تصح في غيرهم، ومن حججهم أنه لا خلاف بين العلماء إن العلوي الفاطمي هو خيرة الخير من قريش وأعلاها شرفا وبيتا.
وأجاب من عداهم أن حديث المنزلة وما أدى معناه محتمل وهو لا ينفي صحتها في سائر بطون قريش كما يدل على ذلك البيان النبوي على منصبها، وصرح لمن يصلح لها صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: ((الأئمة من قريش)) .
Página 70