Metodología en el Pensamiento Árabe Contemporáneo: Desde el Caos de la Fundación hasta la Organización Metódica
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
Géneros
الأول:
تخلي العالم في المختبر عن المعرفة التقليدية الشائعة، والأخذ بالمعرفة العلمية الموضوعية القائمة على التجربة والبرهان.
الثاني:
القطيعة بين الأنظمة المعرفية في تاريخ العلم، والنظام المعرفي هو مجموعة من المفاهيم والمقولات وطرائق التفكير التي تمكننا من حل المشكلات أو التوصل إلى معرفة جديدة ترقي حياتنا. فعندما يصل النظام المعرفي الذي نستخدمه إلى طريق مسدود ولا يستطيع معالجة الإشكاليات التي تواجهنا، لا بد لنا من تغيير الزاوية التي ننظر منها إلى الأشياء؛ أي التخلي بوعي تام عن ذلك النظام المعرفي القديم، وتبني نظام معرفي جديد يستطيع التعامل مع الإشكاليات التي عجز النظام المعرفي القديم عن التعامل معها، فالتطور العلمي لا يتوقف على التراكم الكمي فحسب، بل على آليات التفكير الجديد أيضا، وفيما اشتغل باشلار على المفهوم الأول لمصطلح القطيعة المعرفية تبنى المفهوم الثاني وطوره ثلاثة من المفكرين هم: الفيلسوف الناقد الفرنسي ميشيل فوكو (1926م- 1984م) الذي اتبع طرائق بحث جديدة في كتابه «تاريخ الجنون»، ولويس التوسير (1916-1990م) الذي أعاد قراءة ماركس قراءة بنيوية؛ فبين أن ماركس في كهولته قد قطع صلته الأيديولوجية والمثالية بالفلسفة الألمانية، وتبنى مقاربة علمية، ونظرية قرأ فيها الأشياء قراءة نسقية توضح بنيتها الداخلية ونظامها الهيكلي. ومؤرخ العلم الأمريكي توماس كوهن (1922-1996م) صاحب كتاب «بنية الثورات العلمية» الذي برهن فيه على أن «التطور العلمي ليس بالضرورة تراكميا وتدريجيا، وإنما قد يتأتى من ثورات بنيوية يتم فيها تغيير نسق البحث وآلياته، وأصبح للقطيعة المعرفية مفهوم مختلف شيئا ما لدى كل واحد من هؤلاء المفكرين الثلاثة.»
96
فاستعار الباحثون العرب هذه الآلية ضمن جملة الآليات المنهجية من الفكر الغربي المعاصر، وحاولوا إنزالها في قراءة الخريطة الفكرية والنظم المعرفية العربية الإسلامية. وهنا ينبغي استحضار سياقات الفكر الغربي الذي جرت فيه هذه القطيعة أو القطائع، والمطارحات التي واكبت هذا السجال الفكري الغربي منذ الصراع بين الكنيسة والعلماء، وما أسفر عنه من دعوات اتجهت نحو القطيعة مع هذا التفكير الكنسي في بداية الصراع إلى الدعوة للقطيعة مع الدين وكل أشكال التدين.
97
فكان لتطور العلوم الحقة دور بارز في تأكيد هذه القطيعة على مستوى أدوات التحليل والبرهنة ومناهج النظر التي ظلت مهيمنة على الحقل المعرفي الغربي؛ فسافرت المناهج في الغرب من حقل معرفي إلى آخر دون اعتبار للفوارق بين موضوع العلوم الحقة والعلوم الإنسانية؛ ولهذا يرى الجابري ضرورة استعارة هذا المفهوم وتوظيفه في قراءة تاريخ الفلسفة العربية وتشريح التراث العربي الإسلامي والعقل الذي أنتجه. يقول: «صحيح أن «القطيعة الإبستيمولوجية» مفهوم باشلاري، استعمله في تاريخ العلم، حيث أعطاه معنى محدودا بحدود هذا التاريخ، ولكنني أخذت هذا المفهوم واستعملته في مجال آخر هو تاريخ الفلسفة؛ الفلسفة العربية-الإسلامية، التي بينت طبيعتها كما أفهمها، باعتبارها قراءات مستقلة متوازنة لفلسفة معينة، وبذلك فلا تاريخ لها ، هكذا وظفت المفهوم توظيفا جديدا في مجال آخر، وهو بالنسبة لي مفهوم إجرائي مكنني من أن ألاحظ أشياء لم أكن ألاحظها من قبل طرحه كأداة للعمل.»
98
ويرى أن الخاصية الإجرائية لهذا المفهوم تمكنه من استعماله دون أن يثير أية مشكلة في علاقته مع موضوعه؛ ولهذا يقدم تعريفا لمفهوم القطيعة المعرفية يتجاوز به المفهوم الراديكالي الشمولي الذي اعتمده عبد الله العروي، يقول: «إن القطيعة التي ندعو إليها ليست القطيعة مع التراث، بل القطيعة مع نوع من العلاقة مع التراث، القطيعة التي تحولنا من «كائنات تراثية» إلى «كائنات لها تراث»؛ أي إلى شخصيات يشكل التراث أحد مقوماتها، المقوم الجامع بينها في شخصية أعم هي شخصية الأمة صاحبة التراث»،
Página desconocida