[202] وقد يعرض الغلط في الحركة أيضا من أجل خروج شفيف الهواء عن عرض الاعتدال. وذلك أن البصر إذا أدرك مبصرين متحركين على الاستقامة وعلى سمت المقابلة، وكان المتحركان متحاذيين في جهة التباعد كفارسين يتحاربان، وكانت حركتاهما مختلفة، وكان الاختلاف الذي بينها يسيرا، فإن البصر إذا أدرك المبصرين اللذين بهذه الصفة في الضباب أو في القتام فإن البصر لا يحس باختلاف حركتي المتحركين اللذين على هذه الصفة، ويظن بحركتيهما أنهما متساويتان، ما لم يكن الاختلاف الذي بينهما متفاوتا. وذلك لأن البصر إذا أدرك المبصرين اللذين بهذه الصفة في الضباب أو في القتام فإنه ليس يدرك وجه الأرض في تلك الحال إدراكا محققا لغلط القتام أو الضباب. وإذا لم يدرك البصر وجه الأرض فليس يدرك مقدار بعدي المتحركين. وإذا لم يدرك مقدار بعدي المتحركين فليس يدرك اختلاف مقداري المسافتين اللتين يقطعهما ذانك المتحركان إذا كان الاختلاف الذي بينها يسيرا وليس يدرك البصر من المتحركين اللذين بهذه الصفة إلا تباعدهما فقط بالتباس صورتيهما عند التباعد وباختلاف ما يسامتانه من الأرض من قياس البصر لهما بالأجزاء المتفاوتة العظم من أجزاء الأرض، لا بالأجزاء الصغار من الأرض، لأن الأجزاء الصغار من الأرض ليس تتم للبصر في الهواء المسرف الغلظ. فإن كان الاختلاف الذي بين الحركتين متفاوتا، وأطال البصر النظر إلى المتحركين، أحس باختلاف الحركتين. وإن لم يكن الاختلاف الذي بينهما متفاوتا حكم لهما بتساوي الحركة مع اختلاف حركتيهما إذا كان الاختلاف الذي بينهما يسيرا.
[203] وإذا ظن البصر بالمتحركين المختلفين في حركتيهما أنهما متساويا الحركة فهو غالط فيما يظنه من كيفية حركتيهما وفي سرعة أسرعهما وبطء أبطأهما ويكون غلطه غلطا في القياس، لأن الحركات واختلاف الحركات ليس يدرك إلا بالقياس. ويكون علة غلطه هو خروج شفيف الهواء عن عرض الاعتدال، لأن البصر إذا أدرك المبصرين اللذين على هذه الصفة في الهواء النقي الصافي فإنه يدرك مقداري المسافتين اللتين يقطعهما المتحركان، ويدرك اختلاف حركتيهما، ويفرق بين أسرعهما وأبطأهما، إذا كانت المعاني الباقية التي في ذينك المبصرين في عرض الاعتدال.
.ط.
Página 500