[171] وقد يعرض الغلط في السكون أيضا من أجل شدة الشفيف. وذلك أن البصر إذا أدرك جسما من الأجسام المشفة الشديدة الشفيف، وكان ذلك الجسم كريا كالكرة البلور، وكانت تلك الكرة تتحرك حركة مستديرة، وهي أن تكون في يد إنسان وهو يحركها والناظر لا يعلم بتحريك المحرك لها، فإن البصر يدرك الكرة التي بهذه الصفة ساكنة ولا يحس بحركتها. وذلك لأن الكرة التي بهذه الصفة إذا كانت شديدة الشفيف، ولم يكن فيها شيء كثيف، فإنها تكون متشابهة الأجزاء. وإذا كانت متحركة حركة مستديرة وهي في موضع واحد، فإن البصر ليس يدرك من ورائها إلا الجسم الواحد الذي هو وراءها. والحركة المستديرة إنما يدركها البصر من تبدل أجزاء المبصر. وإذا كانت الكرة متشابهة الأجزاء، وكان الجسم الذي يظهر من ورائها واحدا وفي موضع واحد، فليس يدرك البصر تبدل أجزائها، وإذا لم يدرك تبدل أجزائها فليس يدرك حركتها، وإذ لم يدرك حركتها فهو يظنها ساكنة. وإذا أدرك البصر المبصر المتحرك ساكنا فهو غالط في سكونه.
[172] والغلط في الحركة وفي السكون هما غلطان في القياس لأن الحركة والسكون يدركان بالقياس. وعلة هذا الغلط في الحركة التي على الصفة التي وصفناها وفي السكون الذي وصفناه هو شدة شفيف الجسم، لأن الجسم إذا كان كثيفا أو كان مشفا وكان شفيفه يسيرا وكثافته قوية فإن البصر يدركه على ما هو عليه ويدرك شفيفه ويتميز له لونه من لون الجسم الذي وراءه. وإذا تميز للبصر لون الجسم المشف من لون الجسم الذي وراءه وكان الجسم الذي وراءه متحركا والمشف ساكنا أو كان الذي وراءه ساكنا والمشف متحركا فإنه يحس بحركة المتحرك وسكون الساكن إذا كانت المعاني الباقية التي في ذلك الجسم المشف في عرض الاعتدال.
.ي. .يا.
Página 489