[116]< وقد يعرض الغلط في الحركة أيضا من أجل نقصان الضوء.> وذلك أن البصر إذا أدرك في سواد الليل شخصا قائما على وجه الأرض، وكان ذلك الشخص ثابتا في موضعه غير متحرك، وكان من وراء ذلك الشخص جبل أو جدار، وكان بين ذلك الشخص وبين الجبل والجدار بعد ما ليس بالمتفاوت، وكان الشخص في حال إدراك البصر له مسامتا لطرف الجبل أو الجدار، ثم تحرك الناظر نحو الجهة التي فيها ذلك الجبل أو الجدار على مسافة مائلة متباعدة ميلها عن الشخص لا في جهة الشخص، وهو مع ذلك يدرك الشخص ويدرك طرف الجبل والجدار المسامت للشخص، فإن الناظر إذا ادى في الحركة على هذه الصفة فإن وضع ذلك الشخص يميل، ويصير خط الشعاع المتوهم بينه وبين البصر إذا امتد على استقامة لا ينتهي إلى طرف الجبل أو الجدار بل يكون مفارقا له. وإذا انتهى البصر إلى هذا الموضع، وهو يدرك ذلك الشخص ويدرك طرف الجبل أو الجدار، فإنه يدرك بين الشخص وبين طرف الجبل أو الجدار تفرقا ما وتظهر له السماء من ذلك التفرق. وليس يدرك البصر في تلك الحال حقيقة مقدار البعد الذي بين الشخصين وبين الجبل أو الجدار، ولا يدرك حقيقة وضع الشخص من ذلك الجبل أو الجدار، وإن لم يكن الشخص متفاوت البعد عن البصر، لظلمة الليل وضعف الضوء الذي على وجه الأرض في سواد الليل. ثم إذا ادى الناظر في الحركة اتسع ذلك التفرق الذي يظهر له بين ذلك الشخص وبين الجبل أو الجدار، وأدركه البصر ماديا في الاتساع إذا كان الناظر ماديا في الحركة، وهو مستقر في النفس أن الجبل أو الجدار ليس يتحرك. وإذا لم يتقدم علم الناظر بذلك الشخص وثبوته في موضعه فإنه ربما ظن بذلك الشخص أنه متحرك، وأن اتساع التفرق الذي يظهر بينه وبين الجبل أو الجدار وتماديه في الاتساع إنما هو للحركة. وإذا أدرك البصر الشخص الساكن متحركا فهو غالط فما يدركه من حركته.
.ط.
[117] وقد يعرض الغلط في السكون أيضا من أجل نقصان الضوء. وذلك أن البصر إذا أدرك في سواد الليل حجر الرحى وهو متحرك فإنه لا يحس بحركته بل يدركه كأنه ساكن. وكذلك إذا أدرك في الليل وفي الغلس جسما متشابه الأجزاء من بعد، وهو يتحرك حركة مستديرة أو يضطرب أو يرتعد، فإنه لا يحس بحركته بل يدركه كأنه ساكن. وذا أدرك البصر الجسم المتحرك ساكنا فهو غالط في سكونه. والغلط في الحركة وفي السكون جميعا هما غلطان في القياس، لأن الحركة والسكون يدركان بالقياس. وعلة هذين الغلطين هو خروج الضوء الذي في المبصر عن عرض الاعتدال بالافراط في النقصان، لأن المبصرات التي بهذه الصفة إذا أدركها البصر في الضوء المعتدل فإنه يدرك حركاتها وسكونها على ما هي عليه، إذا كانت المعاني الباقية التي فيها في عرض الاعتدال.
.ي. .يج.
Página 469