[81] فالبصر المسرف الميل تكون صورته التي تحصل في البصر مجتمعة اجتماعا متفاوتا، وتكون أجزاؤه الصغار غيرمحسوسة، فلذلك تكون صورته مشتبهة. فإذا كان في المبصر الذي بهذه الصفة معان لطيفة لم يدركها البصر لخفاء أجزائها الصغار ولاجتماع الصورة. والمبصر المواجه بخلاف هذه الحال، لأن المبصر المواجه تكون صورته التي تحصل في البصر مرتبة على ما هي عليه في سطح المبصر، وتكون أجزاؤه الصغار التي يمكن أن يدركها البصر بينة. وذا كانت الأجزاء الصغار من المبصر بينة وحصلت أجزاؤه مرتبة في سطح البصر كترتيبها الذي هي عليه في سطح المبصر، كانت صورته بينة غير مشتبهة.
[82] وبالجملة فإن المعاني اللطيفة والأجزاء اللطيفة وترتيب أجزاء المبصر ليس يدركها البصر إدراكا محققا إلا إذا انتقشت الصورة في سطح العضو الحاس وحصل كل جزء منها في جزء محسوس من سطح العضو الحاس. وإذا كان البصر مائلا ميلا متفاوتا فليس تنتقش4) صورته في البصر وليس تحصل صورة كل جزء من أجزائه الصغار في جزء محسوس من البصر. ليس تنتقش صورة المبصر في سطح العضو الحاس وتحصل صورة كل جزء من أجزائه في جزء محسوس من البصر إلا إذا كان المبصر مواجها أو كان ميله يسيرا، وكان بعده مع ذلك من الأبعاد المعتدلة بالقياس إلى المعاني التي في ذلك لمبصر
[83] فأما إدراك عظم المبصر المائل المسرف الميل على ما هو عليه إذا كان على بعد معتدل مع تفاوت ميله، فإن ذلك ليس يدركه البصر من صورته نفسها التي تحصل في البصر فقط بل من قياس خارج عن الصورة، وهو من إدراكه لاخ|تلاف بعدي طرفيه مع إدراكه لمقدار الصورة. فإذا أدرك البصر اختلاف بعدي طرفي المبصر المائل المسرف الميل، وأدرك تفاوت اختلافهما، تخيلت القوة المميزة وضع ذلك المبصر، وأدركت مقداره بحسب اختلاف بعدي طرفيه وبحسب مقدار الجزء الذي حصل فيه الصورة ومقدار الزاوية التي يوترها ذلك |الجزء عند مركز البصر، لا من الصورة نفسها فقط. والقوة المميزة إذا أدركت اختلاف بعدي طرفي المبصر المائل المسرف الميل، وأدركت ميله أحست باجتماع الصورة، فهي تدرك مقداره إذا أحست مقدار ميله لا بحسب مقدار الصورة بل بحسب وضعه. والأجزاء الصغار والمعاني اللطيفة التي تكون في المبصر ليس يمكن أن تدرك بقياس إذا لم يحس البصر بتلك الأجزاء ولا بتلك المعاني.
Página 372