بما لم يحظَ به أي علمٍ من العلوم؛ حفظًا وجمعًا ودراسةً وتعليلًا ونقدًا وشرحًا في مؤلفاتٍ قد يعجز العادُّ عن حصرها، حتى أصبحت السنة بحمد الله صافيةً من كل شائبةٍ، عاريةً عن كل دخيلٍ، مُمَيزًا بين المقبول منها والمردود.
وإن من المصنفات التي خدمت الحديث النبوي: المؤلفات في الحديث الموضوع، وبيان واضعه، وسبب الوضع وبواعثه، وطرائق الكشف عن هذا الوضع، وهي كثيرة (^١) ومن أبرزها "كتاب الموضوعات من الأحاديث المرفوعات" (^٢) لأبي الفرج بن الجوزي، المتوفى سنة (٥٩٧) عليه رحمة الله.
ومن جاء بعد ابن الجوزي ممن كتب في الموضوعات، قد استفاد من كتابه هذا، وما أورده فيه غاية الإفادة، ومنهم العلامة ابن القيم ﵀، المتوفى سنة (٧٥١) مؤلف هذا الكتاب الذي بين أيدينا، فقد ذكر ابنَ الجوزي وكتابَه هذا في مواطن من كتابه كما في ص (٥٦، ٦٥، ٦٧، ٧٤، ٨٥، ١٣١) حتى إن من يتأمل كتاب ابن القيم هذا جيدًا يجد أنه قد اعتمد اعتمادًا كبيرًا على كتاب ابن الجوزي آنف الذكر، بل ربما عُدّ أحد مختصراته لكن مع تفننٍ في هذا الاختصار، غير مسبوق بمثله، وإنني أعدّ جواب ابن القيم عن السؤال الثاني في هذا الكتاب الذي تكلم فيه عن الحديث الموضوع وضوابطه وكلياته، أعده ضبطًا وتقعيدًا لكتاب ابن
_________
(^١) انظر عن التأليف في الموضوعات: مقدمة د. نور الدين شكري محقق كتاب الموضوعات لابن الجوزي (١/ ٩٤ - ١٠٢).
(^٢) انظر عن هذا الكتاب وما أُلِّف حوله: مقدمة المحقق السابق ذكره لكتاب ابن الجوزي (١/ ١٠٣ - ١٢٤).
المقدمة / 6