وحتى رأوا أحبار كل مدينة
سجودا له من عصبة وفراد
زبيرا وتماما وقد كان حاضرا
دريس وهموا كلهم بفساد
فقال لهم قولا فأيقنوا
به بعد تكذيب وطول بعاد
كما قالت الرهط الذين تهودوا
وجاهدهم في الله حق جهاد
وقال ولم يملك له النصح رده
فإن له أرصاد كل مضاد
وإني أخاف الحاسدين وإنه
لفي الكتب مكتوب بها بمداد (1)
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله كذلك مع عمه أبي طالب كأحد ولده، بل كان يؤثره على ولده ومحله منه فوق محلهم، حفظ أخيه عبد الله وكان شقيقه، ولوصية أبيه عبد المطلب إليه به، ولما أراه الله فيه من الآيات وما رجاه له من النبوة التي أخبر بها، ولما رأى من طهارته وأمانته وحلمه وعقله وورعه ونزاهته، وكان آثر الناس عنده وأحبهم إليه، إلى أن بلغ مبلغ الرجال صلى الله عليه وآله.
[زواج النبي صلى الله عليه وآله وبداية البعثة]
وتزوج خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وكانت امرأة تاجرة ذات مال ونعمة واسعة، وقد كانت أخباره بلغتها فعرضت نفسها عليه فتزوجها، فأباحت له مالها فاتسع صلى الله عليه وآله فيه، وأخذ عليا عليه السلام من أبيه وضمه إليه ليجزيه فيه ما قد كان صنعه به، فلما اصطفاه الله للرسالة وأكرمه بالنبوة كان أول من آمن به خديجة رحمها الله، ثم خلا بعلي فعرض عليه الإسلام فقال: «أنظرني يومي هذا» وأضمر أن يشاور في ذلك أباه أبا طالب.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: «أنا أنظرك ولكن ما قلت لك بأمانة عندك».
فقال عليه السلام: «أما إذا كان ذلك فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله».
Página 82