272

Las virtudes y los defectos

المناقب والمثالب

Géneros

يخرجوا من حرب أصحاب الجمل حتى دخلوا في حرب صفين، ولا انصرفوا عن حرب معاوية حتى وقعوا في حرب الخوارج، وكانوا من أهل البصائر فيهم، فزال منهم صدر بزوالهم.

وأصحاب معاوية على خلاف ذلك، بالقرب من دارهم في حال راحتهم وجمامهم، والامداد تأتيهم، وأهل الطمع في حطام الدنيا والركون إليها يزيدون إليهم.

ومما قوى عزائمهم وزاد عندهم في بصائرهم وحقق ما شبه به معاوية عليهم، ما كان من أصحاب علي عليه السلام إليهم في أول يوم واقفوهم فيه، وذلك مما قدمنا ذكره من حدة أصحاب علي عليه السلام وإقدامهم واستقباحهم الآراء دون إمامهم، من أن أصحاب معاوية نادوهم بما تصافوا وتواقفوا: ادفعوا إلينا قتلة عثمان ونحن لكم سلم، فلم يدعوا الجواب إلى إمامهم فيجيبهم بما تقوم الحجة في ذلك عليهم، ولعل ذلك لو كان لكسر من عزمهم وأبصر الحق كثير منهم، لكنهم نادوهم بأجمعهم في الوقت استخفافا بهم واستهانة بجوابهم: كلنا قتلة عثمان، فرأى القوم أنه قد حل لهم قتالهم وقتلهم، لما زينه معاوية وأصحابه لهم (1).

وذكرنا فيما تقدم فساد قول معاوية في الطلب بدم عثمان، والواجب في الطلب بذلك لو قد كان.

فبهذه الأسباب وغيرها قويت أمور معاوية وتهيأ له أن قاوم عليا عليه السلام وناصبه، وادعى الأمر معه وحاربه، وإلا فمن أين كانت الأذهان تقع على ذلك والعقول تقبله والأوهام يتوهمه، وبينهما الارتفاع والخفض كمثل ما بين السماء والأرض.

Página 278