النار، ومن عاش عليه عاش على شر وما هي إلا الدنيا نطلبها ونكاثر عليها، أترانا إنما فارقنا عليا لفضل بنا عليه، وإنا أولى بالأمر منه؟
والله ما الأمر على ما تقول به فدعني من تشبيهك على هؤلاء الطغام وتلطفك بهم وقولك: ما أنا أولى بالأمر منكم، ونحو هذا مما تستميلهم به، لست ممن يرضى عنك بهذا المحال ولا يقيم معك على هذه الحال، أعندك دنيا أنالها وإلا فإني ناظر إلى آخرتي؟
فلما سمع ذلك معاوية منه خاف زواله عنه فقال: مهلا يغفر لك الله يا أبا عبد الله، لو شئت أن أقول لك غير هذا لقلت، ولكني أنظر ما تحبه فإني تبع لك فيه.
قال: دعني من هذا والله لا تقول لي غير هذا مما نخالفه إلا قلت الباطل الذي لا أقبله، هلم عاجلك وإلا فدعني لآجلي.
قال: أما ما كان حاضرا فيدك فيه مع يدي لا أحيد لك مسألة ولا أردك عن مراد، وإذا ظهرنا أقطعتك مصر طعمة لك فهي موضعك، وبها وترك عثمان تعطي جندها عطاياهم وأرزاقهم، وما فضل عنها فهو لك.
قال: الله عليك بذلك.
قال: نعم الله علي به.
فاستوثق منه ثم خرج فلقي ابنه فقال: هيه قد أخذت لك مصر.
قال: وما مصر!
فدفع في صدره وقال: لا أم لك ولا شبعت إن لم تشبعك مصر فما عسى أن يكون من أبيك، وإنما أتى معاوية بسيفه إلى ما لا يحصى عددا من سيوف أهل الشام عنده فتستقل له عنده مصر (1).
وإنما أراد عبد الله منه أن ينصرف عن معاوية.
Página 271