الله بن جدعان: يا أبا عمارة لو رأيت ما لقى ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم سبه وآذاه وبلغ منه ما يكره.
فمضى حمزة مسرعا حتى دخل المسجد، وكان شأنه إذا دخل المسجد أن يطوف بالبيت ويقف على أندية قريش فيسلم عليهم ثم يأتي نادي بني عبد المطلب ويجلس، فدخل المسجد مغضبا لا يلوي على شيء من ذلك، حتى وقف على أبي جهل وهو جالس، فرفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة وقال: أتشتم ابن أخي؟
فأنا على دينه أقول ما يقوله، فاردد علي إن استطعت.
فقام رجال من بني مخزوم لينتصروا منه، فقام إليهم أبو جهل فقال: دعوا أبا عمارة فإني والله سببت ابن أخيه سبا قبيحا.
وأظهر حمزة الإسلام وأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال في فعله بأبي جهل ما فعله:
فذق أبا جهل بما غشيتا
بأمرك الظالم إذ مشيتا
تؤذي رسول الله إذ قد نهيتا
عن أمرك الظالم إذا دعيتا
لانفك الرغم بما أتيتا
لو كنت ترجو الله ما شقيتا
ولا تركت الحق إذ دعيتا
وقد هويت قبل ما هويتا
تؤذي رسول الله قد غويتا
ما كنت حيا بعد ما عدوتا
حتى يذوق الذل قد لقيتا
فقد شفيت النفس اذ شفيتا
فلما أظهر حمزة الإسلام علمت بنو عبد شمس أنه سيمنع رسول الله صلى الله عليه وآله، فكفوا عما كانوا ينالون منه، وكان حمزة منيع الجانب في قريش شديد العارضة أبي النفس، ولما رأت بنو عبد شمس ما كان من أمر حمزة تعاظمته.
[عروض قريش]
واجتمع شيبة وعتبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب وأمية بن خلف والعاص بن وائل، وجماعة وجوه بني عبد شمس ومن أطاعهم من قريش، فتكلموا في أمر
Página 113