يقول الأستاذ (عفيف عبد الفتاح طبارة) في كتابه (روح الدين الإسلامي) ما لفظه: وألحق الأستاذ محمد أبو زهرة زكاة الدور المعدة للاستغلال بزكاة الزروع فقال: والمعروف عن جمهور الفقهاء أنهم لم يقرروا زكاة في الدور؛ لأن الدور في عصرهم لم تكن مستغلة، بل كانت لسد الحاجات الأصلية، وكان ذلك عدلا اجتماعيا في عهد الاستنباط الفقهي، أما في عصرنا فقد استبحر العمران وشيدت العمائر والقصور للاستغلال، وصارت تدر أضعاف ما تدره الأرضون، فكان من المصلحة أن يؤخذ منها زكاة، كالأراضي الزراعية، إذ لا فرق بين مالك تجبى إليه غلات كل شهر، ومالك تجبى إليه غلات أرض زراعية كل عام، فلو أوجبنا الزكاة في الأراضي الزراعية ورفعناها عن المستغلات العقارية لكان ذلك ظلما. انتهى.
ومن هنا فقد رأوا الرجوع في زكاة المستغلات إلى المذهب الزيدي ولكن دون أن يعلنوا ذلك إما لجهل به أو لإغماط له.
ثم إن الرجوع إلى الترجيح والاجتهاد في مثل ذلك هو في نفسه عمل بالمذهب الزيدي ومناف لما ينزع إليه علماء المذاهب الأربعة من عدم جواز الانتقال عن التقليد إلى الاجتهاد وتحريم العمل باجتهاد المرء لنفسه.
أما الزيدية فهم في هذا واضحون فيقولون: إنه بعد الالتزام بالتقليد على شروطه يحرم الانتقال إلا إلى اجتهاد نفسه.
أما إلى اجتهاد نفسه فإنه يجوز له الانتقال من التقليد إلى الاجتهاد، بشرط أن يكون المجتهد قد حصل على علوم الاجتهاد (الشهادة الجامعية في التشريع الإسلامي) بحيث صار من الذين يقدرون على معرفة الأدلة وطرقها وطرق الاستنباط منها باجتهاد علمي.
فالمذهب الزيدي في مثل هذا يوجب العمل على المرء باجتهاد نفسه وتحريم التقليد لغيره فيما يخالف اجتهاده.
Página 29