Finanzas de Egipto desde la Época de los Faraones hasta Hoy
مالية مصر من عهد الفراعنة إلى الآن
Géneros
وهذا القول أيضا ينبذه العقل، بل أبعد احتمالا من القول الذي ذكره هيرودوت، لا سيما فيما يختص بالثلاثين ألف بلد؛ لأنه عندما يكون عدد السكان سبعة ملايين كما ذكر ديودور يكون في كل بلد 233 نسمة، وهو عدد قليل جدا.
وأما رواية الثمانية عشر ألف بلد، فهي وإن كان فيها شيء من المبالغة إلا أنها تقرب من الحقيقة. أما عدد الثلاثة الملايين نسمة الذي قال ديودور إنه كان عدة سكان مصر في عصره، فيظهر لي أنه قليل جدا، خصوصا إذا قابلناه بعدة سكانها في عصر العرب الذي كان أقل عمارا من عهد البطالسة.
قال ابن عبد الحكم في كتاب «فتوح مصر» ص156:
حدثنا عثمان بن صالح وعبد الله بن صالح قالا: حدثنا الليث بن سعد، قال: لما ولي ابن رفاعة مصر خرج ليحصي عدة أهلها، وينظر في تعديل الخراج عليهم، فأقام في ذلك ستة أشهر بالصعيد حتى بلغ أسوان ومعه جماعة من الأعوان والكتاب يكفونه ذلك بجد وتشمير، وثلاثة أشهر بأسفل الأرض، فأحصوا من القرى أكثر من عشرة آلاف قرية، فلم يحص فيها في أصغر قرية منها أقل من خمسمائة جمجمة من الرجال الذين يفرض عليهم الجزية. ا.ه.
وابن رفاعة هذا كان عاملا على مصر في خلافة الوليد وأخيه سليمان بن عبد الملك سابع خلفاء بني أمية بدمشق، وكان قد تولى عمل هذا التعداد حوالي سنة 96ه/715م، أي في القرن الأول للفتح العربي. وبما أن الأعداد السابق ذكرها هي نتيجة إحصاء فيجب اعتبارها صحيحة، وحيث إنه كان يوجد في أصغر ناحية 500 نفس من الذين يجب عليهم دفع الجزية، فإذا جعل متوسط عدد الذين فرضت عليهم الجزية في كل قرية ستمائة نسمة، كان ذلك تقديرا مقبولا، وإذا فرضنا أن هذا العدد هو ثلث سكان كل قرية، كما سنبين ذلك في الطريقة (ج)، يكون مجموع سكان كل قرية 1800 نسمة، وبضرب هذا العدد في 10000 عدد القرى، ينتج 18000000 نسمة، وهو عدد سكان القطر المصري قديما. (ج)
إن عدد الأنفس المفروض عليهم الجزية وقت الفتح العربي كان 6000000 نسمة، كما ذكرنا في القسم الخاص بالإيرادات، وهذه الجزية لم تكن مفروضة إلا على الذكور الذين بلغوا الحلم، ومن جاوزت أعمارهم خمس عشرة سنة، أما النساء والأطفال والشيوخ فكانوا معفين منها.
وفي الإحصاء الذي عمل بمصر في سنة 1917م كان عدد الرجال الذين أعمارهم من خمس عشرة إلى ستين سنة 3435710، ومجموع السكان 12718255 نسمة، أي إن نسبة العدد الأول إلى الثاني بين الثلث والربع. ولما كان الإحصاء الذي عمل عند الفتح الإسلامي لغرض مالي فلا يستطيع إنسان أن يزعم أنه روعيت فيه الرأفة أو التساهل، ومن هنا يكون من المؤكد أنه قد أدخل في عداد دافعيها أشخاص تقل أعمارهم عن الخمس عشرة سنة أو تزيد على الستين، وإننا بناء على ذلك لا نكون مغالين إذا قدرنا أن الستة ملايين نسمة المفروض عليهم الجزية هم ثلث سكان مصر في ذلك العهد، وبذلك يكون عدد السكان ثمانية عشر مليون نسمة على أقل تقدير.
ولو اتبعنا نفس النسبة التي وجدناها في الإحصاء الأخير، لجاوز عدد السكان 20000000 نسمة.
ولزيادة الإقناع نذكر هنا ما رواه ابن عبد الحكم في كتابه ص87 قال:
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن يحيى بن ميمون الحضرمي قال: لما فتح عمرو بن العاص مصر صولح على جميع من فيها من الرجال من القبط ممن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك، ليس فيهم امرأة ولا صبي ولا شيخ على دينارين دينارين، فأحصوا لذلك فبلغت عدتهم ثمانية آلاف ألف. ا.ه.
Página desconocida