وفكر ولكنه لم يقل: وعلى الأخص سيدة مثلك.
واستأنفت قائلة: كثيرا ما عبر لويس نهر الرين عند كيل فوق الجسر العائم، فليس عليه خطر كبير هناك.
ثم توقفت، ولقد يظن الإنسان أنها بذلك كانت تقيس مدى تأثير كلامها عليه، غير أنها لم تكن تلقي الكلام على عواهنه، بل كانت تعني كل كلمة تقولها، ولا يشغل فؤادها سوى غرض واحد، وهو الحصول على التاج لولدها. وعلى هذا فإنها لم تلاحظ إعجاب الكونت بجسدها في ذلك الوقت، فقد كانت ترغب في أن تبعث فيه حماسا لمشروع لويس الذي يشغلها، حتى إذا تشيع لفكرتها استطاع أن ينقلها لإمبراطوره ثم لقداسة البابا وفي كل أنحاء أوروبا.
ولقد مر زمن بعيد لم يخطر على بالها فيه أنها ما زالت جميلة وهي في منتصف عمرها، وقد صقل انفعالها نضرة عينيها السوداوين، وبعث في صوتها رنة امرأة غريبة واستأنفت قائلة: في ستراسبورج سيقابل لويس الجنرال ريوفو والكولونيل دي بروك ونوايانت، وأملنا كبير في أن الجنرال أفيلين الذي يقود الفصيلة الثالثة سوف يعلن انضمامه إلينا.
فقال فريزن: إن رجلا مثل هذا سوف يكون ذخرا عظيما عندما تنجح خطتك. - سوف تنجح يا فريزن، لا تشك في هذه الخطة مطلقا، إن لدي عزيمة تحرك الجبان.
وأخذ الكونت فريزن قدحا من الشارتريز وشربه ووضعه ثانية، ثم قال بجفاف: ومتى إذن تتحرك الفصيلة الثالثة من الجيش؟
وأدركت السيدة ملاحظته، وكانت تعلم أن صديقا مخلصا شفوقا مثل فريزن لا بد أن تكون هذه الكلمات القاسية قد بدرت منه رغم إرادته، فأجابت في برود: بعد أن يخطب لويس في رجال الحصن، وسيذهب الكولونيل نوايانت إلى مجلس القرية ومعه شرذمة من جنوده في الصباح المبكر، فيجدون شيخ البلد عندما يكون قد نهض من نومه ليشرب قهوته، وبعد ذلك يكون تحت رحمتهم فيطلبون منه أن يسلم نفسه، وبمجرد أن يتم لهم هذا فإن نوايانت سيتجه بفرقته إلى مقر العمدة ويقبض عليه. - وبعد ذلك؟
وأردفت السيدة بحدة: وبعد ذلك! وبعد ذلك! إنك تثير سخطي يا فريزن، ألا ترى أنه بالاستيلاء على ستراسبورج يكون مفتاح باريس بل فرنسا أيضا تحت يدنا؟
ورد السياسي القديم وهو يفكر: بالاستيلاء على ستراسبورج، نعم.
فأتمت السيدة: وسيترك لويس هناك أفليس قائدا لحامية الحصن، ثم يتخلف مع ضباطه وهيئة أركان حربه إلى الحدود حيث ينتظر رجاله عودته، وسيتخفي ضباطه في ملابس ملكية ويتخطون الحدود معه، وفي ذلك الوقت أكون أنا هنا قد جهزت كل شيء لإتمام عقد القران ولاستقبال صاحب الجلالة ملك فرنسا وحاشيته بما يليق بهم، وبعد عقد القران يعود صاحب الجلالة إلى ستراسبورج ثانية وفي جيبه مليار كريستوف، فيعقد لنفسه قيادة الفصيلة الثالثة، ويزحف إلى باريس مصحوبا بالابتهال والفرح بعودة ملك فرنسا الشرعي إلى مقر ملكه.
Página desconocida