وكان الخادم قد أحضر القهوة وبعض المشروبات، فجلست السيدة وأخذت قدحا من القهوة، ولاحظ فريزن أنه يهتز في يدها اهتزازا ضعيفا، وأخذت رشفة من فنجانها، وكانت عيناها الداكنتان تتبع حركات الخادم في الغرفة كأنما تريد أن تخلص منه، حتى لقد كانت تتراقص على شفتيها كلمة الأمر له بالخروج.
وفكر فريزن وهو يأخذ رشفة كبيرة من فنجانه أنها امرأة لطيفة، ولو أنها متقلبة الأهواء إلا أنها طموحة، ولكن هل تستطيع أن تعمل بتعقل إذا واجهت الفشل؟
وأخيرا خرج الخادم.
وتنهدت السيدة لتخلصها وقالت بهدوء: اجلس يا فريزن، ولا تدعنا نتكلم بعد عن هذا الموضوع المتعب، اجلس واصغ إلي، خذ شيئا من هذا الشارتريز، إنه طيب جدا، اسمع، أريد أن أخبرك عما قررناه وإن كان لديك اعتراض ...
وجلس فريزن وفنجان القهوة لا يزال في يده، وأخذ يرتشف منه وهو يفكر مترقبا، واضطجعت السيدة على مخدة الأريكة وقالت: إنك تعلم أن لويس قد قضى في هذا الصيف وقتا طويلا في ستراسبورج، وكنت أرجو أن يتعرف موقفه بين رجال الحصن.
وأومأ فريزن برأسه مشيرا إلى أنه يعرف هذا. فاستمرت السيدة: حسنا! لقد عرفنا الآن أن رجال الحصن عن آخرهم من أتباعنا، ولا شك في هذا يا فريزن، فإني واثقة تماما مما أتحدث عنه، إن هؤلاء الرجال ليسوا ملكيين فقط، بل إنهم متحمسون للملكية، إنهم يتكونون من فصيلتين؛ إحداهما فصيلة فرسان والأخرى هي الفصيلة الثالثة من الطوبجية، ولقد جهزنا علم الزنبقة الجميلة، ومن المؤكد تماما أن هذه الفصائل ستلتف حول هذا العلم القديم، وعندما يتم كل شيء فإن لويس سيعود إلى ستراسبورج حيث يخطب في الرجال، وستسمع فرنسا كلها صدى هتافاتهم «يعيش الملك».
وتنهدت في تمن وأمل قائلة: إنني أرجو أن أكون هناك لأسمع هذه الهتافات.
وارتشف الأوستوري قهوته ثم وضع الفنجان فوق المنضدة وسأل: لم لا تفكرين في الذهاب بنفسك؟
فردت السيدة: لا، ليس هذا من الصواب، فربما تشك السلطات، إذ يجب أن تبقى حركات لويس مستورة، وليس من السهل لسيدة أن تعبر الحدود دون أن تستلفت الأنظار.
وتمتم الكونت فريزن: أهذا حق؟
Página desconocida