Malatiyya Sufiyya Ahl Futuwwa
الملامتية والصوفية وأهل الفتوة
Géneros
ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى .
21
وهو في هذا أكثر جرأة من السلمي الذي اكتفى بتشبيه الملامتي بمحمد والصوفي بموسى عليهما السلام بعد أن تجلى لهما ربهما.
ويقسم ابن عربي السالكين إلى الله إلى ثلاثة أقسام لا تختلف كثيرا عن الأقسام التي ذكرها السلمي. الأول العباد الذين غلب عليهم الزهد وأفعال الظاهر المحمودة وتطهير النفس من مرذول الأفعال. وهؤلاء لا علم لهم بالأحوال والمقامات والعلوم الدينية والأسرار. وإن قرأ أحد منهم شيئا كان كتابه «الرعاية» للحارث المحاسبي أو ما يجري مجراه.
22
الصنف الثاني هم الصوفية الذين يرون الأفعال كلها لله وأنه لا فعل لهم أصلا. وهم مثل العباد في الورع والزهد والتوكل، أهل خلق وفتوة، يظهرون في العامة بما ينالونه من الكرامات وخوارق العادات ولا يبالون بإظهار أي شيء يؤدي إلى معرفة الناس بمنزلتهم من الله لأنهم لا يشاهدون - في زعمهم - إلا الله. وهم بالنسبة إلى الملامتية أهل رعونات وأصحاب نفوس، وتلامذتهم مثلهم أصحاب دعاوى يظهرون الرياسة على عباد الله.
23
والصنف الثالث الملامتية وهم رجال قطعهم الله إليه وصانهم صيانة الغيرة عليهم لئلا تمتد إليهم عين فتشغلهم عن الله: «قد انفردوا مع الله راسخين لا يتزلزلون عن عبوديتهم طرفة عين، لا يعرفون للرياسة طعما لاستيلاء الربوبية على قلوبهم، وليس ثم من حاز مقام الفتوة والخلق مع الله دون غيره سوى هؤلاء ...»
24
أما الصفات التي اختص بها الملامتية كما يفهمهم ابن عربي فهي أنهم رجال لا يتميزون عن سائر المؤمنين المؤدين فرائض الله بحالة زائدة يعرفون بها، فهم لا يزيدون على الصلوات الخمس إلا الرواتب، يمشون في الأسواق ويتكلمون مع الناس، يؤدون الفرائض مع الخلق ويدخلون في كل بلد بزي أهل ذلك البلد، لا يتوطن أحد منهم في المسجد، وتختلف أماكنهم في المسجد الذي تقام فيه الجمعة حتى يضيعوا في غمار الناس، وإذا تكلموا راقبوا الله في كلامهم، يقللون من مجالسة الناس إلا من جيرانهم حتى لا يشعر أحد بهم، ويقضون حاجة الصغير والأرملة، ويلاعبون أولادهم وأهلهم بما يرضي الله، ويمزحون ولا يقولون إلا حقا.»
Página desconocida